ايتها الدولة ..الجلوة تهجير ظالم / عبدالحي الحباشنة

ايتها الدولة ..الجلوة تهجير ظالم

مفجع ما نراه من تهجير قسري لابناء القرى والبلدات الاردنية تحت عنوان الجلوة العشائرية دون ادنى معايير او ضوابط ,وبشكل بات اقرب ما يكون الى الانتقام وبطريقة لا تختلف شكلا ومضمونا عن مفاهيم النزوح التي تحصل في اماكن الصراعات والحروب الاهلية وباثار تتعداها احيانا بشكل مفزع حرقا وايذاءا وهدما .واللافت المثير ان الدولة من حيث هي صاحبة القوة تقف صامتة بل تتعداها الى ان تصب
ح اشبه بالجهاز التنفيذي الذي ينفذ ليس القانون بل املاءات طرف المشكلة المعتدى عليه دون ادنى محاولة للتاثير او حرف مسار بعض المطالب المجحفة التي يستقوي بها طرف على طرف . وفي هذا السياق فان جملة من المعاني يمكن ان تساق لقراءة ما يجري على نحو اخلاقي وقانوني وعشائري معقول يماشي منطق الاشياء السليمة ويحاكي الواقع على نحو متمدن مقبول .
الدولة من حيث هي صاحبة السلطة بكل ادواتها مسؤولة ابتداءا عن توصيف الحالة ووضعها في اطارها الصحيح وقد سمعنا عن مبادرات كثيرة في وزارة الداخلية ولم نلمس شيئا جادا وهنا يثار سؤال كبير حول حالة اشبه بالاذعان نراها في سلوك الاجهزة الادارية حال وقوع جرائم القتل اذ غالبا ما تبدو عاجزة وراضخة لشروط يفرضها اهل عائلة المقتول دون أي ضوابط . ثم اين اصبحت الوثيقة التي تحدثت عنها الحكومة حول تحديد الجلوة بالجد الثالث او اقتصارها على دفتر العائلة او أي معيار كان الا هذه الفوضى الظالمة والمجحفة وغير المستساغة بكل القيم والاعراف .
كيف يمكن تصور او قبول اجلاء ( تهجير قسري ) لمائة وخمسون عائلة بجريمة ارتكبها شخص واحد او اثنين واي ادارة او تشريع سماوي او ارضي واي منظومة اخلاقية يمكن ان تقبل بهذا او تتهاون فيه ؟. وبالتاكيد هذا لا يلغي فداحة وبشاعة الجرائم المرتكبة او ضرورة معاقبة مرتكبيها بصورة جازمة بل لا يمكن التقليل من اهمية احزان اهالي المعتدى عليهم ومدى جسامة خسارتهم ولكن ذلك لا يمكن ان يتاتى بتشريد عوائل كثيرة باطفالها ونساءها وشيوخها دون أي شيء ودون أي جريرة الا صلة دم من الجد الرابع او الخامس بعضها يتعرف على بعض بفعل الجلوة لانه لم يكن يعرفها من قبل .
أي قيمة اخلاقية محترمة يتضمنها اشتراط عدم خروج أي شيء من المنازل مع العوائل المهجرة الا ان يتحولوا الى متسولين وكيف تسكت الادارة بل الدولة بكليتها على مثل هكذا شرط .
يمكن تفهم ضرورة الفصل بين الناس لحظة حصول الجريمة وهو اجراء حميد كما يمكن ادراك اهمية التقليل او منع الاحتكاكات فيما يعقب هذه الجرائم من انفعالات مقبولة لكن ما لا يمكن قبوله السلوكات الرعناء التي تمس وجود مواطنين وعوائل كثيرة بفعل ليس لهم فيه ناقة ولا جمل .
التفاصيل مؤذية ويمكن ادراج الكثير من الامثلة على اجحافها بحق ابرياء هم من مواطني الدولة التي كفل الدستور والقانون حرمتهم وحرمة مساكنهم وامنهم وحياتهم وما يجري تحت اعين الجميع غير اخلاقي وغير قانوني وغير انساني وبغيض ومحرم في قوانين الارض وشرائع السماء ولا بد من وقفة وموقف لسلطة الدولة من حيث هي مكلفة دستوريا بحماية المواطنين وللعشائر الاردنية الشماء التي شوهت ممارساتنا الكثير من قيمها الحميدة وحولتها الى سلوكات انتقامية مقيتة وبغيضة وهي دعوة مستعجلة لايقاف تهجير الناس عن بيوتهم وكاننا نعيش عصر القوة الاول وغياب الدولة وهو ما لا يتمناه عاقل او يطمح اليه لبيب فالشعوب الحية تتقدم واتمنى ان لا نكون في طور تاخر تفرضه همجيات لا معنى لها الا في قاموس الضغينة والانتقام الظالم

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى