بعارين في القرن ال21 / يوسف غيشان

بعارين في القرن ال21

كما ترتبط الصورة الذهنية للصين بالتنين ، دلالة على القوة والسيطرة والنشاط، والصورة الذهنية لروسيا بالدب، وفرنسا بالديك، والحزبان الديمقراطي والجمهوري، في امريكا، بالحمار والفيل …..كذلك ترتبط الصورة النمطية للعرب بالبعير.
ليس الصبر هي الصفة الوحيدة للجمل ، ونحن بالمناسبة شعوب غير صبورة على الإطلاق، فالجمل مشهور بالحقد مثلا الذي يمتد لسنوات وسنوات ، وها نحن نمارس على بعضنا احقادا تاريخية تعود الى قرون وقرون ، من “صفين”..وجرّي.
الجمل كائن متسخ دوما، ويرعد ويزبد، بينما هو مربوط ومنصاع لفيزياء الرسن في يد قائده، وهذه هي الصورة النمطية للجمل، التي ترتبط فينا نحن العربان العاربة والمستعربة…ولا فخر.
كانت البشرية قد توصلت قبل الاف السنين من بزوغ امبرطوريتنا، الى العجلة واستخداماتها في النقل ، وقد تمددت امبرطوريتنا لتحل محل الأمبرطوريتين البيزنطية والفارسية. البيزنطيةالتي كانت مغطاة بشبكة واسعة من الطرق ، وببعض الطرق في الإمبرطورية الفارسية .
صحيح ان طرق الأمبرطوريات البائدة قبلنا ، والتي ورثناها، كانت تحتاج الى بعض الصيانة ، لأنها اهملت في مرحلة انهيار هذه الإمبرطوريات وصراعها مع بعضها ، لكننا لم نفعل ذلك، ولم نأبه لهذه الطرق، لا بل دمرناها بأخفاف بعاريننا وحوافرخيولنا.
اقمنا امبرطورية عظمى، لكننا ألغينا استخدام العجلة ، واعتمدنا على البعارين وبعض الخيول في حروبنا وتنقلنا ، وفي اساليب سيطرتنا على الأرجاء الواسعة. لذلك لم نبن علاقات اندماجية مع الشعوب التي حكمناها، بل اعتمدنا على تجميع الضرائب وارسالها الى بيت المال الذي يتحكم فيه الخليفة، ويصرفه كما يشاء.
لم نأبه لتنمية المناطق والأمصار ، بل كان اهتمامنا بتجميع اكبر قدر من المال منها، وعندما تعجز تلك المناطق عن ارسال المال او ترفض ارساله ، كنا نسير لها الحملات التأديبية بالبعارين وبعض الخيول ، وندمرها، ونجبرها على دفع الجزية مضاعفة . لذلك كثرت الإنشقاقات والحروب الداخلية، منذ بداية امبرطوريتنا، حتى انهارت على رؤوسنا.
انهارت امبرطوريتنا ، لكن العقلية النمطية للبعير لم تنهار في دواخلنا ، وما زلنا في العالم العربي ، نتعامل مع المحافظات والولايات والمدن بذات الطريقة البعارينية القديمة…ذات الطريقة التي ادت الى انهيارنا.
وتلولحي يا دالية
ghishan@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى