” امسك شاربك أو دق على صدرك وادخل الحدود “

بسم الله الرحمن الرحيم
” امسك شاربك أو دق على صدرك وادخل الحدود ”
الأستـاذ عبد الكريـم فضلـو عقـاب العـزام

أن يكون في الأسرة فرد يُسيء التقدير، أو غير مبال فهذا أمر طبيعي فكيف بشعب يعد بالملايين، كم سيكون فيه من غير المبالين الذين لا يقيمون للصالح العام وزناً، فهؤلاء لا يعرفون صالح أنفسهم قبل كل شيء حتى يعرفوا ويلتزموا بحدود الصالح العام، وقد أجزم أن منهم من يتقصَّد الخطأ ويبحث عنه ليفعله.
هذه المقدمة، أحببت أن أضعها أمام المسؤولين الذين يديرون أزمة كورونا، واللجان المشكلة لهذه الغاية.
لا أريد أن أتحدَّث عن خطة إدارة الأزمة، ولا عن اللجان المُشكَّلة لهذه الغاية، ولكنني سأتحدث عن الواقع الذي نشهده لمواجهة هذا الوباء القاتل.
لا أحد يُنكر الجُهد الكبير الذي يُقدمه الفنيُّون من أطبَّاء ومُمرضين ومستشفيات، ولجان تقصِّي للوباء، ومتابعة للمرضى بعد دخولهم المستشفيات، ولكن المُلاحظ أنَّ الجانب الإداري للأزمة فيه خلل ويمكن إبراز هذا الخلل من خلال المقابلة بين ممارستين :
١- الضبط الحاصل في عملية حظر التجول والدَّور الذي تُؤدِّيه القوات المسلحة في الإغلاق داخل المدن والقرى، والذي جاء بناءً على توجيهات وخطة دقيقة ومتابعة للأداء من قبل القيادات فيها على أرض الواقع، فشاهدنا جميعاً ولمسنا ثمار ذلك.
٢ – في المقابل ما نراه اليوم من دخول سائقي الشاحنات الحدود وهم بالمئات قادمين من دول يستفحل فيها الوباء (الكورونا)، فنجد مسؤولي المعابر الحدودية يُدخلونهم دون حجر، سوى الطلب إليهم أن يلزموا بيوتهم لمدة اسبوعين، وقد تكون الضمانة المطلوبة منهم أن يمسك السائق على شواربه، أو يدق على صدره ويقول هاي عندي، أبشروا، فيُصدِّق مسؤولوا الحدود وعودهم كما لو كانو من الصحابة.
ويدخل السائقون ليمارسوا حياتهم اليومية دون ضوابط، ولا أقول كالأصحَّاء، لأنَّ الأصِحَّاء مُلتزمون بالحجر والتعليمات، لكن هؤلاء لهم ضوابطهم وحياتهم الخاصة، دون خوف أو وجل.

السؤال الصعب هو: هل دخول السائقين الحدود حاملين للوباء شيء جديد علينا؟
أم أنَّ سائق الخناصري سبقه سائق آخر من اربد، وكل واحد عطَّل مسيرة حياة الشعب كل الشعب أياماً واسابيع.
حتى لو كان دخول الوباء مع الشاحنات جديداً علينا فأين المُنظِّرين الذين يُفكِّرون بكل منفذ يمكن أن يدخل منه الوباء و يضعون علاجا له.
أين لجان إدارة الأزمة ( وأؤكد هنا على الإدارة) لأنَّ العمل الفني عندنا بألف الف خير، ولكن المُنظِّرين، والإداريين، الجناح الرئيس في لملمة المشكلة، ووضع الضوابط والحلول لها، وتقديمها للفنيين ليلتزموا بها.
هذا الموضوع طويل وكبير كتبتُ به مراراً ومنذ سنوات، أن مشكلتنا بالدرجة الأولى هي مشكلة إدارة، ولمن لا يعرف أقول : لو كان عندنا أحسن وأجود الفنيين وأحكم الخطط، وأكثر الأموال، فإنَّ ضعف الإدارة يُفسدُ كُلَّ شيء.
ولا بد من أن أنوِّه هنا أنَّ الإدارة لا تكون بالحصول على الشهادة والدرجة العلمية فقط، ولكن الإدارة هي علم وفن ومؤهلات شخصية وخبرات متراكمة وهبها الله لمن أراد له أن يكون مديراً إن وصل.
وفي الختام لا بد من أن أكرر ما اعتدتُ قوله : قديماً كان الوازع للإنسان هو الضمير فكانوا يقولون : ( ضميري يؤنبني )، ولما ظهرت الأديان على الأرض صار الوازع الخوف من العذاب والطمع بالثواب فصار الشخص يقول ( إنني أخاف الله ) لكن اليوم عندما يغيب الضمير ويضعف الخوف من الله فلا يبقى بيننا ما يحفظ حقوق العباد سوى الاحتكام للقانــون، القانـــون، القانـــون. أن نعاقب به كل مسيء ومتجرئ على حقوق العباد.
أدعو الله أن يحفظ هذا الوطن عزيزاً منيعاً، وأن يحفظ قيادته التي أمَّنت وتؤمِّن كل شيء يحتاجه الوطن والمواطن وفوق المستطاع. بقي أن نكون نحن الشعب أوفياء حريصين على أولادنا وعائلاتنا، صادقين في كل شيء وأولها ما نقطعه للناس من وعود وعهود، مُطبّقين للقوانين على الخارجين عليها دون مواربة أو محسوبية وأن نعمل في هذا الزمن بما قاله سيدنا علي بن أبي طالب كرَّم الله وجهه ” نُصرت بالشَّـك ” فلا نُصدِّق كل ما نسمع ولا نُدخل الحدود من يمسك على الشارب.

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى