الردة القيّمية في المُجتمع / بلال الذنيبات

الردة القيّمية في المُجتمع تتجدد ملامحها و يكثر المتحدثين عنها و تغيب الحلول الفعلية

بلال الذنيبات

تتكرر بيّنَ الحيّنِ و الآخر الحوادث التي تهزُ المُجتمع الأردني ، و مؤخراً كانت لحوادثِ المرج و الفيصلية و آل البيت و الزرقاء مساحتها من التفاعل.

تتعدد الأسباب الموجبة فالبطالة قادت شاب لقتل والدته ببشاعة في المرج و قاد خلافٌ على نقل مدير طلبة الفيصلية لتكسير بعض المقتنيات وثائق النتائج الأولية للتحقيق و أما الأخيرة فالإعتداء على مديرة مدرسة و معلمات بسبب إمتحان الإكمال.

مقالات ذات صلة

و تنتشر في فضاءات التواصل الإجتماعي وجبة دسمة من الشائعات و الإغتيالات للأشخاص و الألفاظ البذيئة التي باتت روتيناً للأسف نقرأه و نسمعه يومياً لأنه يحفل بالحماية الإجتماعية عندما يصل الأمر الى العقاب بحجج الحرية و حرام و هي وقفت عليه!

إن بقاء الدولة كمؤسسات أسيرة ما يدار في التواصل الاجتماعي سوف لن يحقق لنا منجزاً فعندما يتم معاقبة شخص لأنه أساء لا يجب التفكير بذويه و ردود فعلهم فالقانون يسود الجميع في الدول الحضارية المحترمة و فرض هيبة القانون لا تتم بالغنوجه و التراجع عن خطوة لأن أشخاص على الفيس بوك لم يعجبهم الأمر.

فمن يغلق شارع ليدافع عن متعاطي مخدرات او تاجر مخدرات او معتدٍ على هيبة المؤسسات بأي صورة من الصور لا يصح إلا أن يعامل بكل حزم فبالنهاية النصر سيكون للقانون في حال الحزم فيه و العدالة و عدم التردد في إنفاذه على الجميع.

و من ثمة للأسف فإن التواصل الإجتماعي و الإعلام بات يلعب دوراً في التحريض على الجريمة و لو بشكل غير مقصود ، فمثلاً عند رؤية ما حصل بالفيصلية إستشعرت أن الطلبة و إن كانوا مدفوعين من المعلمين ربما كما تقول النتائج الأولية فهم ينفسون عن مكبوتات تشكلت عن صور و فيديوهات عنف شاهدوها في فترة العطلة و هنا يأتي دور التربية و التعليم و الشباب في أن تضع معالجات حقيقية لمساحة الفراغ في حياة طلبة المدارس و الخروج من نخبوية الفعاليات و النشاطات الصيفية و تعميمها فلماذا تعطل إمكانات المدارس في العطلة و لا تستغل ببرامج صيفية تحمي شبابنا من صور الارهاب و التطرف المتكرر عبر مختلف وسائل الاعلام.

إن جانب من جوانب المشكلة التي حدثت بالفيصلية هو تفريغ مخزون من اللاوعي الذي تغذى على صور العنف عبر مختلف الوسائل و إن كان يرى الدكتور حسين محادين أن ما حصل يحيي في الأذهان خبرات العنف الجامعي سابقاً ، فأنني في هذه النقطة أتساءل هل نحن خرجنا من تلك الخبرات و نحن نرى صور العنف ماثلة على اليوتيوب و التلفزيون؟

فمع تقديري لمجهودات الدكتور محادين فهو أستاذي فإنني أرى أنه و بحسب علم الاجتماع التربوي فإن ما جرى بالنسبة للطلبة تنفيس عن مكبوتات العقل الباطني و الذي ونتيجة القعدة في البيت تغذت على صور العنف خاصة و أن عوائلنا للأسف تسمح بسخاء للأطفال مشاهدة الاخبار و المسلسلات العنيفه و يبقون في عالم الانترنت يتعلمون أساليب العنف المتعددة.
و من ثم أن الدلع الذي يجده الطفل عندما يُخطئ من قبل العيله “مع إحترامنا لدور الأخيرة” يشكل حالة من التقبل لسلوك العنف لدى الطفل فيصبح سلوكاً مستساغاً ، و في غياب الحوار يصبح العنف الوسيلة للتعبير عن الرأي و هذا ما رأيناه و نراه في الشوارع بالاعتصامات أحياناً و في مدارسنا و لو بدون أن يخرج للعلن فما قصة الفيصلية إلا شذره من أحداث نعايشها يومياً من أبناءنا طلبة المدارس و لا تعتبر مشاهد تمزيق المقرر الدراسي في أخر الفصل بالشوارع الا شيئاً خفيفاً.

فالسلوك الفوضوي التخريبي يكتسب من السنوات الأول لعمر الطفل و يكبر ذالك معه مع غياب أدوات الفلترة و ضعفها فاليوم لا المدرسة و لا الجامع قادر على الفلترة بدليل ما نراه من صور قذارة بعض المساجد للأسف نتيجة عبث الشباب الصغار سناً و فكراً وعدم التبرع رغم التعاليم الدينية بعد إحداث تلك المشاهد و تطوّر ذالك الى القيام بالاهتمام بالتنظيف وتعليم الاطفال سوء صنيعهم و بالعكس عندما توبخ طفلاً لتعليمه يأتيك أبوه و عائلته كلها فعليك حينها أن تطلق ساقيك للريح للأسف.

المشكلة في المجتمع للأسف عميقة تترجم تراجع المنظومة القيمية في حياتنا نحن مما ينعكس على أطفالنا فهم بالنهاية صورة لنا فالطفل الذي يتعلم النظام و إحترام الكبير لا يمكن أن يوسخ جامع و لا أن يكسر محتويات مدرسة ليقوم نفسه بعد سنوات بالتبرم من وضع المدرسة و المطالبة بإصلاحها.

إحدى الجوامع في إحدى قرى إحدى المحافظات أصبحه فرشه عتيقاً بعد أقل من الشهرين أو الثلاث من فرشه نتيجة عبث الأطفال.

و للأسف أن الأهالي يدافعون عن أبنائهم في كُل مره تحدث فيها مشكلة يكون أطفالهم المسببون لها ، و أما فيما يخص ال البيت فإن منظومة الحوار و التي هي سمة في المجتمعات المتحضرة التي تحترم المؤسسية و القانون و حقوق الانسان غائبة لدينا و إلا لماذا تصم إدارة الجامعة أذانها حيال مطالب الموظفين لسنوات ثم نرى ما رأينا ، اليس من المفترض أن نكون ونحن الدولة الطامحة للولوج الى دمقرطة الدولة كنوعٍ من الحداثة في الادارة المحلية قد هضمنا الحوار في مؤسساتنا و متطلباته و ليس على مبدأ شاورهن و خالفهن ، ربما القضيتين قيد التحقيق و ستتجلى حقائق جديدة لكن نحن كمختصين بعلم الاجتماع نقيم ما يصلنا من المصادر الرسمية و لا نملك سوى التحليل العلمي و المعالجة النظرية للمشكلة و هذا مهم لصناعة القرار الإجرائي.

و أما جريمة القتل فربما لا ينسى قارئي الكريم ، منذ 2016 الى اليوم وفي كل مره كنت أكتب عن العمل كنت أحذر من التبعات النفسية للبطالة و هذه من كثير من المشاهد التي نراها و سنراها إذا ما بقينا نراوح مكاننا في فقئ المشكلة و معالجتها من الجذور و بقينا نحوم كالخجالى حول القشور.

و لا أود تكرار الكلام فنحن كشباب نعيش حالة إحباط قاتمة و متباينة الدرجات جراء إنعدام فرص العمل وخاصة في الجنوب نتيجة عدة عوامل ذكرناها في مقالات سابقة متفرقة بمختلف الصحف و المواقع الالكترونية.

وفي النهاية .. فإن بناء المجتمعات اليوم بحاجة للجرأة في تطبيق القانون على الجميع ، وتقديم التضحيات من قبل المجتمع لإجتثاث أمراضنا الإجتماعية فالدفاع عن المجرم و تاجر المخدرات و المتجاوز على القانون و المسيء لهيبة الدولة و مؤسساتها هو بكل تأكيد يساهم بصورةٍ مباشرة في تفاقم المشكل و ربما يقع ضحيتها يوماً ما فالمشكل تكبر بالمساتره و عدم العقاب الرادع الحقيقي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى