ضعف ثقافة الخير والجمال / المحامي عبد الرؤوف التل

من يراقب الوضع العام للمجتمع الأردني في السنوات الأخيرة ويعمل على رؤيته من الداخل يأخذه العجب من النمو السريع لظاهرة الجريمة وانتشارها السريع، والعدد المتزايد لمن يرتكبونها من الرجال والنساء معاً، يقابل انتشارها ضعف وسائل الوقاية منها ووسائل مقاومتها والحد من ارتكابها.

والجريمة في عرف رجال القانون هي سلوك يمارسه إنسان فيه خروج عن ضوابط المجتمع التي يرى أنها تحقق سلامته، وأمانه في المحافظة على حياة الأفراد وأجسادهم وأموالهم، والآداب العامة والقيم الأخلاقية التي ترقى بالإنسان وتهذب الذوق العام.

فالجريمة تعتبر في حقيقة الأمر اعتداء، على الحضارة والمدنية، وتعيق السير الطبيعي للتقدم والتطور، وتجعل الخوف سمة عامة للحياة والأحياء لأنها متحركة في أساليبها ومتطورة وهي أنواع عديدة.

ومن الأسباب التي تساعد على انتشار الجريمة في المجتمع ما يقوله رجال القانون، ان عدم وضوح الرؤية حول خطر الإجرام وما يشكله من زعزعة للمجتمع في أمنه وعلمه وقدرته على النمو الاقتصادي وتحقيق الرفاه للناس، فالإجرام فيروس خبيث يضعف الجسم ويعيق نموه.

مقالات ذات صلة

في حقيقة الأمر أن الجريمة ليست حديثة، بل هي قديمة قدم الانسانية، فأحد أبناء أبو البشرية آدم عليه السلام قتل أخاه حتى الموت، وكانت أول جريمة عرفها الانسان. والاجرام ينتشر في المجتمع الذي تضعف فيه قيم الدين والأخلاق، وثقافة الخير والجمال، وانعدام القدوة الصالحة.

من الجرائم الحديثة نسبيا في الأردن، الخاوة، وهي الزام شخص أو صاحب مصلحة بدفع مبالغ مالية لشخص أو أشخاص منفلتين خلقيا إما مقابل كف الأذى عن الشخص أو المصلحة، أو مقابل حماية شكلية أو منع آخرين من التعدي، وفي حال رفض دفع الخاوة من الشخص أو صاحب المصلحة، فان عدوانا سيتعرض له من طالب الخاوة إما بالضرب أو الحرق، أو بنشر الدعايات الكاذبة حول سوء سلوك الشخص الذي رفض دفع الخاوة أو الإساءة للمصلحة بطرق مختلفة أو يقدم طالب الخاوة على جرح نفسه بآلة حادة ويتهم الآخر بأنه أقدم على ضربه وطعنة بآلة حادة.

وهذا الأمر هو جديد ومنتشر، ومقاومة ظاهرة انتشار الخاوة ضعيفة جدا – الأمر الذي يوجب وضع خطة لمقاومة هذه الظاهرة ووضع حلول لها، أما جريمة تجارة وتعاطي المخدرات أصبحت منتشرة على نطاق واسع في المجتمع الأردني، في الشوارع، في المدارس، في الجامعات، في الأندية في كل مكان، ومعروف أن آفة المخدرات قاتلة لكل تطور وتقدم اذا انتشرت في مجتمع، مولدة لجرائم متعددة كعنف المدارس وتطاول بعض الطلبة على المدرسين بالضرب أو الإهانة الجارحة بألفاظ بذيئة تصدر ممن يتعاطى المخدرات، وان ما تقرأه بالصحف بين الحين والحين تشكل قضايا بالمحاكم بحق طلبة، يعتدون على المدرسين فخير شاهد.

ومن الجرائم التي تولدها المخدرات، حوادث الطرق المدمرة التي تقع في شوارع الأردن، أصبحت مدمرة للحياة، حيث يذهب ضحية هذه الحوادث المئات من الرجال والنساء والأطفال سنويا، لأن قيادة من يتعاطى المسكرات أو المخدرات غير منضبطة بقوانين السير او الآداب العامة.

وآفة المخدرات والمسكرت أصبحت تساعد على الالتحاق والانضمام لجرائم السرقة المنظمة، وتهريب المخدرات عبر حدودنا والاتجار بها تكاد تصبح ظاهرة منتشرة على نطاق واسع حيث أصبح من السهل الحصول على المادة المخدرة بمختلف أنواعها في أي مدينة أو قريبة ومعروف أن تهريب المخدرات عبر حدودنا بأساليب التهريب المختلفة كثيرة جدا، وكذلك الاتجار بها وسيلة من وسائل الاثراء الحرام، وأصبح من الضروري وضع آلية علمية حديثة للوقوف في وجه ظاهرة انتشار آفة المخدرات بين الشباب والشابات في الأردن، ان أردنا مجتمعا منتجا.

ومن الجرائم الكبرى، وهي بالفعل تعتبر من الجرائم الكبرى جريمة عدم انضباط الشارع وحركة المرور التي نشاهدها في كل لحظة ونحن نسير في الشوارع أو نقود المركبات، هذه الجريمة خير شاهد على عدم احترام قوانين السير.

من الأطراف المعنية شعبياً ورسمياً، فانه من العيب الكبير ان تكون فوضى الحياة في شوارع المدن الأردنية مقززة للنفس وخالية من الأدب والذوق العام، ومثيرة لأعصاب الإنسان، من ذلك ما نشاهده من البعض من عدم التقيد بأولوية المرور، أو ازدواجية الوقوف أو التشحيط بإطارات المركبات في الليل والنهار مما يسبب الإزعاج على نطاق واسع يضاف الى ذلك ظاهرة انتشار سيارات بيع الخضار، أو الخردوات وما تضعه من تسجيلات بأصوات عالية طوال اليوم وما تسببه من فوضى خلاقة للقرف والازعاج واليأس والاحباط.

إن ما ذكرت من جرائم حديثة نسبياً، وهي تعمل على هدم السلامة العامة وأمن الناس، واستثمار طيبة الناس لتحقيق مكاسب خسيسة وأغراض ومآرب دنيئة، أغلبها مادي وانحلال خلقي مدمر لكل ما تشيده الدولة من انجازات، والوقاية من الجريمة مظهر من مظاهر التقدم والازدهار.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. في ضوء غياب العدالة في البلد فان الجريمة والجريمة المضادة هي العدالة الحقيقية وان شاء الله ستصل الى القصاص العادل من كل من حمل وزر ……..في البلد. العين بالعين والسن بالسن والجروح قصاص. وفل يسقط وعد بلفور.

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى