النظام الذي نريد

النظام الذي نريد
م. عبد الكريم أبو زنيمة

في عالم الخيال العلميّ ونظم الاتصالات الرّقمية والمعلوماتيّة التي ولجت إليها معظم دول العالم، لا زلنا في عالمنا العربي نبحث ونناقش ونختلف على قضايا مضى عليها أكثر من 1400 عام، ومنها شكل الحكم وطاعة ولي الأمر! دول العالم المزدهر وصل إلى ما وصل إليه بفضل تنظيم العلاقة المجتمعية وتأطيرها دستورياً وأخلاقياً وفق قانونٍ يُستظلُّ به ويحترمه ويلتزم به الحاكم والمحكوم.
في الأردن توافق على نظام الحكم الملكيّ الهاشميّ، لكن هناك اختلاف على شكل الحكم، بل إنَّ الحياة المدنية الحديثة تتطلب تطوير شكل الحكم؛ خاصةً وأنَّ الأردن يتعرض لمخاطر خارجية تهدد وجوده المتمثل بالخطر الصهيوني الذي لا يؤمن بالحدود الجغرافية ولا يلتزم بالقوانين والمعاهدات الدولية، هذا العدو الصهيوني لا يؤمن إلا بالمعتقدات التلمودية اليهودية – فحدوده حيثما تصل أقدام جنوده! أما ما يُشاع عن أخطار داخلية فهذه شماعة ولعبة تجيدها مؤسسة الفساد وتستثمرها لديمومة بقائها، والحقيقة الراسخة أن الأردنيين متمسكون بنظام الحكم ولا ينافسهم أحد على الملك ولن يسمح أحدٌ بذلك.
ما ذهب إليه الأردنيون من نقدٍ مباشر أو تلميح خلال السنوات الماضية وظهر وانتشر بشكلٍ أوسع خلال إضراب المعلمين في وسائل التواصل الاجتماعيّ والفيديوهات وفي غالبية المجالس هو نتيجة لتشوّه في شكل الحكم! فالمادة الأولى من الدستور تشير الى أنَّ نظام الحكم هو نيابي ملكي وراثي –جميعنا كأردنيون متفقون على ملكي وراثي لكننا نختلف على نيابي كما طبق ويطبق! النيابة بمفهومها الديمقراطي لا خلاف عليها– لكن كيف نطبقها شكلاً ومضموناً! بعد أن جرى التغول على النيابة واصبحت تابعة لكل السلطات الأخرى.
الأصل في الحياة البرلمانية الديمقراطية أنَّها الوسيلة والأداة المثالية لتنمية وتطور وازدهار الأوطان والاستثناء أو التشوه أن تخدم أفرادًا وعصابات، ما جرى خلال العقود الثلاثة الماضية هو تشويه للديمقراطية والحياة البرلمانية من خلال القوانين التي أُجريت بموجبها الانتخابات وتزويرها والتي أفرزت نوابًا غالبيتهم من المتنفذين أو الراسماليين أو العشائريين وهؤلاء كان يتم توجيههم حسب أهواء الحكومات غير البرلمانية، وقلّة من السياسيين كان يحالفهم الحظ للوصول إلى قبة البرلمان لم يفلحوا في التاثير على التشريعات أو القرارات -أي كان وجودهم شكلياً- وهذا ليس مستغرباً فعقود من الزمن تم خلالها محاربة ومطاردة الأحزاب السياسية الوطنية بحجة حماية النظام، لكن النتيجة هي أنَّهم أساؤا للنظام نفسه من خلال تغييبهم المعارضة الوطنية، الأمر الذي أدى إلى نمو وتجذر وتضخم الفساد وشلله ومؤسساته التي يعاني منها الوطن اليوم! وحتى هؤلاء المحسوبين على النظام الذين سرقوا ونهبوا وزورا وأجرموا بحق الوطن عندما تتم مواجهتهم او عندما يتركوا مناصبهم، فإنّهم لا يعترفون بجرائمهم بل يشيرون بأصابعهم للأعلى! ويزاودون على كل القوى المناهضة للفساد !
النظام الذي يتوائم مع الحداثة ونريده بعد إجراء التعديلات الدستورية اللازمة من قبل لجنة من المختصين والخبراء ومشاركة ممثلين عن القوى الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني وتقديم مسودة قانون انتخابي نسبي والمملكة دائرة انتخابية واحدة هو:
• تعديلات دستورية تترجم مبدا الشعب مصدر السلطات ، وربط المسؤولية بالمساءلة
• تحصين الدستور وعدم إجراء أي تعديلات علية إلا باستفتاء شعبي.
• نظام حكم نيابي ملكي وراثي يتمتع الملك بصلاحيات دستورية على غرار الأنظمة الملكية العريقة كبريطانيا وإسبانيا وغيرها.
• تشكيل حكومات بأغلبية برلمانية تتولى إدارة كافة أشكال الحكم داخلياً وخارجياً حسب ما ينصّ عليه الدستور.
• استقلال تام للقضاء والأجهزة الرقابية والمحاسبية.
• فصل حقيقي بين السلطات التشريعية والتنفيذية والإعلامية.
• هيئة مشتركة لإدارة القوات المسلحة العسكرية والقوى الأمنية ترتبط بوزير للدفاع.
بهذا الشكل من نموذج الحكم المعمول به في الدول الرائدة سنتخلص وإلى الأبد من الأبتزاز والتهديدات والضغوطات والإملاءات الخارجية التي تمارس علينا لأن الشعب الأردني سيكون الراعي والحامي لنفسه، وسيكون للعرش الملكي رمزيته وهيبته وقدسيته، وسيسود العدل والقانون والمساواة وسنتخلص من نهج التوريث والفساد للابد وستتحقق التنمية والازدهار ولن تكون هناك اي فرصة او ذريعة لأي كان من أن يشير بأصبعه للأعلى.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى