النزوح نحو المجهول.. أوامر الإخلاء الإسرائيلية تعمق معاناة الغزيين

#سواليف

في ساعات الفجر الأولى من يوم الجمعة الماضي، حمل صهيب شقيقته، الطفلة سناء، التي لم تتجاوز العشر سنوات، والمصابة بكسور في قدميها ويدها اليمنى. فقد قرر النزوح بعد أن اخترقت #رصاصات #الاحتلال شقته في الحي المصري في بلدة ” #بيت_حانون “.

سار صهيب تحت جنح الظلام، وسط وابل من القذائف المدفعية التي كانت تسقط حول من كل جانب، حتى وصل إلى المقبرة الشرقية في البلدة، حيث وضع شقيقته على الجدار الغربي. ثم قرر العودة إلى المنزل لنقل ما تبقى من أغراضه، ليبدأ #معاناة جديدة في البحث عن مركز إيواء له ولشقيقته الوحيدة.

صهيب وسناء خفاجة، هما الناجيان الوحيدان من عائلتهما التي استشهدت في أيلول/ سبتمبر 2024، حيث أصبح صهيب المعيل الأول والوحيد لشقيقته التي لم تعالج بعد من الكسور التي أصابتها في قدمها وحوضها.

عودة مشاهد #النزوح_القسري
ومع تجدد العدوان الإسرائيلي على قطاع #غزة منذ فجر الثلاثاء 18 آذار/ مارس الجاري، عادت مشاهد النزوح القسري لآلاف العائلات، حيث بات العديد منها بلا مأوى بسبب إصدار #جيش_الاحتلال أوامر إخلاء طالت أحياء واسعة من مناطق القطاع.

في شمال القطاع، أصدر جيش الاحتلال أوامر إخلاء لكافة سكان بلدة “بيت حانون” الحدودية، والذين يبلغ عددهم 20 ألف نسمة. أما في بلدة “بيت لاهيا”، فقد طالت أوامر الإخلاء الأحياء الغربية من البلدة.

وفي وسط القطاع، أمطرت #مدفعية_الاحتلال مخيمات “البريج” و”المغازي” و”المغراقة” و”الزهراء”، مما دفع بآلاف العائلات لمغادرة منازلهم وخيامهم والاتجاه غرباً نحو مخيمي “النصيرات” و”الزوايدة” هربًا من القصف العشوائي.

إلى الجنوب، كانت منطقة شرق محافظة خانيونس، وتحديدًا بلدة “بني سهيلا”، مع قرار إخلاء إسرائيلي جديد. أما المشهد الأكثر دموية فكان غرب مدينة رفح، وتحديدًا حي “تل السلطان”، حيث طوق جيش الاحتلال الحي وحاصر آلاف العائلات، وعُذبت النساء والأطفال، واعتُقل آلاف آخرون، بمن فيهم ستة ضباط إسعاف لم يُعرف مصيرهم منذ لحظة اعتقالهم.

وقد أفادت وكالة “أونروا” أنه منذ تجدد العدوان الإسرائيلي على غزة، تم تسجيل نزوح أكثر من 124 ألف شخص، حيث أجبر الكثير منهم على مغادرة منازلهم دون أن يتمكنوا من حمل أو نقل أي شيء من حاجياتهم الأساسية.

#نزوح_نحو_المجهول
اضطر العديد من الأهالي للسير مسافات طويلة سيرًا على الأقدام، حيث اضطر بعضهم للمشي مسافة تصل إلى 10 كيلومترات، رغم مشقة الصيام، وانهيار الكثير من التعب والإرهاق الذي أصابهم.

حتى الاحتلال لم يرحم النساء وكبار السن الذين اضطروا للنزوح زحفا على أيديهم، وقطعوا مسافات طويلة في ظروف قاهرة. وذلك بسبب رفضه السماح للمركبات أو عربات “الكارّو” بنقل الأهالي من أماكن الإخلاء، إذ يفرض طوقًا أمنيًا عبر طائراته المسيرة يمنع مرور أي مركبة إلى المناطق التي يتم فيها إصدار أوامر الإخلاء.

وجد الكثير من الأهالي أنفسهم مضطرين للمبيت في العراء، حيث نام بعضهم بجوار أطنان النفايات، بسبب تدمير الاحتلال لمدارس الإيواء، وعدم توفر مخيمات جديدة يمكن أن تستوعب عشرات آلاف النازحين.

وقد حذرت شبكة المنظمات الأهلية في وقت سابق من أن تواجد النفايات الصلبة وسط الأحياء والمدن، والذي يقدر حجمه بنحو نصف مليون طن، سيكون سببًا في انتشار البعوض والحشرات الضارة، وقد تتسبب عصارتها في انتشار الأمراض الخطيرة، لاسيما بين النازحين القريبين منها.

الحصار يزيد من معاناة النزوح
تجدد العدوان الإسرائيلي على غزة جاء في ظروف إنسانية كارثية، حيث دخل القطاع مرحلة المجاعة بعد نفاذ المخزونات الأساسية من الطعام ومياه الشرب وغاز الطهي والمساعدات الإغاثية، وذلك بسبب إغلاق المعابر منذ الثاني من آذار/ مارس الجاري.

حتى الخيام التي يحتاجها النازحون لإقامة إيواء مؤقت لهم، باتت شحيحة وباهظة الثمن، وما يتوفر في الأسواق غالباً ما يكون ممزقًا بسبب ظروف الطقس التي أدت إلى تآكلها.

في ظل هذه الظروف الصعبة، يواجه النازحون تحديات كبيرة، بدءًا من فقدان منازلهم ومواردهم الحياتية الأساسية، وصولاً إلى فقدان الأمل في تحسين أحوالهم. تتعاظم الصعوبات يومًا بعد يوم، حيث تتزايد أعداد النازحين في الوقت الذي تتناقص فيه المساعدات الإنسانية الواصلة إليهم، مما يزيد من محنتهم ومعاناتهم.

تحت هذه الظروف القاسية، يبقى الأمل هو ما يحمله النازحون، حيث يسعون للبحث عن فرصة للعيش بكرامة وأمان. ومع ذلك، يظل السؤال المحير: إلى متى يمكن للناس تحمل مثل هذا الوضع؟ وما الذي يمكن أن يتغير لتحسين واقع آلاف العائلات التي تعاني من آثار النزوح القسري في قطاع غزة؟

تتطلب هذه الأزمة الإنسانية استجابة عالمية عاجلة لضمان تقديم المساعدة اللازمة إلى أهالي غزة وتأمين حقوقهم الأساسية في الحياة. لا بد من تسليط الضوء على معاناتهم الحياتية وتقديم الدعم العاجل للحد من الكارثة الإنسانية التي تتفاقم يومًا بعد يوم.

المصدر
قدس برس
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى