نضوج العقل بين العُمر …….وتجارُب وخبرات الحياة والطفولة

نضوج العقل بين العُمر …….وتجارُب وخبرات الحياة والطفولة
Maturity Of mind between Age and Life experiences and childhood
د . مجد خليل قبالين
إن نضوج العقل البشري من المواضيع المُهمة التي شغلت حيزاً كبيراً من اهتمام المُتخصصين في مجالات علم النفس ، وعلم الاجتماع ، وعلم الجريمة ، وعلم النفس الاجتماعي ، اي المُتخصصين في مجال العلوم الاجتماعية والإنسانية ، وذلك لتمحورهم في علومهم واهتماماتهم حول الفرد بشكل مُنفرد ، والفرد داخل مُجتمعه وعلاقة التأثر والتأثير بينهُما.
يرتبط نضوج العقل البشري بشكل اساسي بالفرد نفسه والتربية التي تلقاها في المؤسسة الاولى وهي الاسرة والتي تشمل خبرات الطفولة وخصوصاً خلال الستة سنوات الاولى من عُمر الطفل والتي تبدأ فيها عملية صقل شخصية الانسان ، ويُصاحبها خروج الفرد وانغماسه في النشاطات المُجتمعية والبدء بمرحلة تحويله من كائن بيولوجي الى كائن اجتماعي وتبدأ بالمدرسة ، والأصدقاء ، والأقارب ، ومؤسسات المُجتمع كالمراكز الترفيهية الثقافية إن وجدت ، والمسجد والكنيسة ، ومما لا شك فيه اننا لا نستطيع ان نحكُم على نضوج عقل اي انسان بالرجوع الى عمره فقط ، فالعُمر لا يتجاوز حدود الرقم اذا لم يُصاحبه استعدادات نفسية واجتماعية لدى الفرد ليكتشف العالم من حوله ومحاولته لفهم ما يجري حوله وتعلمه من خبرات الحياة التي يمر بها ، وتعرضه لمواقف اجتماعية وطُرق تعامله مع تلك المواقف ، فالعُمر هنا نقطة البداية لنا لعملية طهي الشخصية والعقل البشري وصقلهما بما يتناسب مع ميول الفرد والبيئة التي يعيش فيها ، وانطلاقاً مما سبق فإن العمر لوحده لا يمنحنا فرصة نضوج عقولنا اذا لم يُصاحبه انفتاح ، وان يكون الانسان اجتماعي ويتعلم من اخطائه واخطاء الآخرين ، فالعُمر المُقترن بخبرات وتجارب حياة عديدة واحتكاك مع اصناف البشر المُختلفة هو الذي يصقل الشخصية والعقل فعلاً ، اضافة الى ذلك دور خبرات وتجارب الحياة في تدريب الفرد على التحكم بالثبات الانفعالي لديه وادارة ازماته على مستواه الفردي الشخصي وعلى مستوى الدائرة الاولى التي تُحيط به وهي الاسرة. ، وكل ذلك قد يحصل للفرد في عمر مبكر وليس متأخر فعلى سبيل المثال الابن الاكبر في المنزل الذكر هو الاكثر تعرُضا لتحُمل المسؤولية بعمر مُبكر وخصوصاً اذا صاحب ذلك غياب المُعيل للأسرة الاب.
ومن اكثر العقبات التي يقع فيها الفرد من ناحية القرارات التي يتخذها في حياته والتجارب التي يمر بها نضوجه الجنسي الذي يسبق نضوجه العقلي والذي يؤثر بشكل كبير جداً في قراراته وطُرق تعامله مع خبرات الحياة وتجاربها ، فالإنسان يصبح عبداً لشهواته اذا يم يتمكن من ضبط غرائزه ، فنضوج العقل والنضوج الجنسي اذا لم يسيران في خطان متوازيان وسبق احدهما الآخر سيؤدي الى حدوث خلل في منظومة الوعي والإدراك لدى الانسان ويشمل هذا الخلل القرارات التي يتخذها الانسان وخصوصاً المصيرية منها ونظرته للجنس الآخر والتي تصبح منحصرة بغريزة الجنس ، فيُصبح الادراك لديه مُتأخراً بعد اكتشاف اتخاذ القرار الخطأ، ويزيد من حدة المُشكلة عدم تصالح الفرد مع نفسه ومع اخطائه وتكرارها والمُكابرة على الخطأ .
وبناءً على ما سبق فانه من الخطأ الفادح ان نختزل نضوج العقل بالعُمر فقط كرقم، ولا نستطيع ان نُنكر وجود اشخاص سبق عمرهم العقلي والنفسي عمرهم الرقمي ، وهنالك من عمره الرقمي مُتقدماً ولكن لا يزال عمره العقلي والنفسي في مرحلة التكوين المُبكر وهذا مرجوعه الأساسي لتقوقع الفرد حول نفسه وعدم تعلمه مهارات التواصل الاجتماعي والتعامل مع مواقف الحياة وخصوصاً الصعبة منها او نظام التربية القائم على النمط الاتكالي ، وعدم الاعتماد على النفس وتحمُل المسؤولية.
ونهاية ما سبق …………………………
لا تكونوا متقوقعين حول انفسكم كالنور داخل المصباح ، بل اسمحوا للنور بأن يخرج للخارج ليرى ما يحدث حوله للتقليل من التشوهات المعرفية الحياتية وزيادة رصيد خبراتنا في الحياة وزيادة شعورنا بأننا جُزءاً من هذا العالم وشعورنا بالمسؤولية الحياتية ، ومن الخطأ والجهل تكرار نفس الخطأ الذي يؤدي لنفس النتيجة كالذي يضع في حصالته نقوداً ثم يرجع يأخذها وينفقها دون ان يزيدها .
دكتوره /مجد خليل قبالين
دكتورة علم الاجتماع علم الجريمة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى