المشروع الإيراني في الشرق الأوسط / فادي القصراوي

المشروع الإيراني في الشرق الأوسط

التطلعات الإيرانية في المنطقة العربية
تمكنت الثورة الإيرانية عام 1979 من الإطاحة بحكم الشاه ونظامه ، واستخدمت لذلك شعارات رنانة داعبت مشاعر الشعب الإيراني على أنها ثورة للمظلومين وأصحاب الحقوق ضد من ظلمهم وسلبهم حقوقهم، فعندما حطت طائرة الخوميني ملهم الثورة الإيرانية في إيران استشرف الإيرانيون مستقبلا زاهرا يسود فيه العدل وتوزع فيه موارد البلاد بعدل وإنصاف، لكن ما حدث بعد ذلك كان مغايرا تماما ، فقد أدخلت أيديولوجية القيادة الإيرانية الجديدة الدولة الإيرانية في العديد من الصراعات مع دول الجوار العربي بدءا من الحرب العراقية الإيرانية واحتلال الجزر الإماراتية الثلاثة إلى اشعال الاضطرابات والقلاقل في عدة دول عربية مجاورة كاليمن والبحرين ولبنان وسوريا.
دأبت القيادة الإيرانية على تبني مبدأ تصدير الثورة الإيرانية ، وسنت قوانينا لحماية المسلمين المستضعفين خارج إيران بهدف التدخل في دول الجوار ، إضافة أنها أنشأت العديد من الجمعيات الخيرية والمراكز الثقافية الشيعية خارج إيران.
وعمدت الاستراتيجية الإيرانية في إنجاح تصدير الثورة الإيرانية وكسب تعاطف المسلمين عموما والشيعة العرب خصوصا إلى عدة أساليب ، منها الدعم المباشر لحركات المقاومة ضد المحتل في فلسطين ولبنان حتى تخفي في ذلك الدعاء القائل أن الجمهورية الإيرانية هي دولة ثيوقراطية دينية شيعية وأنها على عكس ذلك فهي تحمل الخير لكل المسلمين دون تمييز.
أيضا عمل الإيرانيون في تدرج على إبراز المرجعيات الدينية الفارسية التي تؤيد فكر إيران الديني في ولاية الفقيه واحتواء المرجعيات الدينية العربية والإقصاء أوالتهميش وحتى الإغتيال لمن يخالف فكرها أو يعارضها ، حيث اتهم المرجع الشيعي حسن المؤيد إيران أن (لديها مشروعا قوميا يهدف إلى السيطرة على المنطقة ، والدليل على عداء إيران للشيعة العرب ما يلاقيه شيعة الأحواز العرب من الفقر المدقع رغم أن 90% من النفط موجود في مناطقهم)،
وقد نجحت إيران في نقل مركز الثقل الديني للشيعة من كربلاء والنجف إلى قم في إيران ليكون المركز الروحي للإفتاء لجميع الشيعة .
وأنشأت إيران العديد من القنوات الدينية الشيعية الناطقة بالعربية والتي تسعى لبث روح الكراهية في قلوب الشيعة ضد إخوتهم العرب السنة وإخراجهم نفسيا من ولائهم لعمقهم الوطني والعربي الممتد لمئات السنين إلى الولاء للجمهورية الإيرانية ليكونوا فيما بعد حطبا يخدم النار الإيرانية التي توقدها هنا وهناك.
لقد استشرف جلالة الملك عبدالله الثاني ملك المملكة الأردنية الهاشمية عام 2004 في رؤية ثاقبة خطر الأيديولوجية الإيرانية على المنطقة حيث حذر من مخطط إيراني لإقامة هلال شيعي في المنطقة بدأ من ايران وانتهاءا بلبنان.
إن الصحوة العربية تجاه هذه الأطماع الإيرانية جاءت متأخرة بعض الشيء وذلك بعد استشعار الخطر من التدخلات الإيرانية في المنطقة في سوريا وكذلك اليمن ، فلاتزال القيادة الإيرانية تدعي أنها تتحرك في المنطقة ضمن قيم أخلاقية وإنسانية بحتة ، إلا أن المتابع للخطاب السياسي الإعلامي في إيران يلحظ بقوة الحديث عن تصدير الثورة الإيرانية في واجهة هذا الخطاب ، ففي سياقات الاحتفالات بذكرى الثورة الإيرانية عام 2015 أعلن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني أن ( مؤشرات تصدير الثورة الإسلامية باتت مشهودة في كل المنطقة بدءا من البحرين والعراق إلى سوريا واليمن وحتى شمال أفريقيا )،
وقد كان للثورة السورية دور كبير في فضح ادعاءات القيادة الإيرانية أنها تدعم حقوق الشعوب المقهورة ضد الظالمين ، فقد وقفوا ضد ثورة الشعب السوري المظلوم بكل ما أوتوا من قوة واعتبروها مؤامرة قومية ضد خط المقاومة والممانعة ،وبالمقابل دعموا بقوة الثورة البحرينية في تدخل سافر ضد دول الجوار الإقليمي.
إننا ونحن نسوق هذه الأدلة في تعاظم الخطر الإيراني لابد أن نقر أن إيران نجحت في إحكام نفوذها على عدد من الدول العربية كالعراق ولبنان و في محيطها الإقليمي ، لكن بفضل الله تم عرقلة مشاريعها في سوريا من خلال المقاومة السورية ، وكذلك من خلال عاصفة الحزم بقيادة المملكة العربية السعودية في اليمن وهذا ما أغضب القيادة الإيرانية كثيرا، فالفعل العربي والخليجي تحسن كثيرا في التعامل مع الملف الإيراني وننتظر المزيد في هذا الصدد في خطة شاملة للتصدي للأيديولوجية الإيرانية ، فبالإضافة للجانب الأمني والعسكري لابد من محاربة إيران فكريا من خلال إبراز مرجعيات شيعية عربية معتدلة لا تتبع للنفوذ الإيراني ، ونشر الوعي بين المواطنين الشيعة في حقيقة النظام الإيراني وأنه نظام عنصري فارسي يحتقر كل ما دونهم من الأعراق الأخرى كالشيعة العرب والباكستانيين والأوزبك والتركمان ، حتى إن كل من يذهب للقتال في سوريا من الكتائب التي ترمي بهم إيران هم من غير الفرس في معظمهم .
أردت من خلال هذه الورقة نشر الوعي لدى الجمهور العربي بخصوص الأطماع الإيرانية في المنطقة ، وتثمينا لجهود دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية في الحد من هذا الخطر وإرجاع هذا الثعبان الفارسي إلى جحره خائبا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى