صناعة المستقبل .. في البحث عن مسقبلات بديلة !

صناعة المستقبل .. في البحث عن مسقبلات بديلة !
اسماعيل أبو البندورة
تعمد الأمم والدول الناهضة والمتأهبة للتقدم والحضارة وبناء موقع تحت الشمس إلى التفكير في المستقبل من خلال بناء تصورات وسيناريوهات ووضع احتمالات وصياغة استشرافات ورؤى استراتيجية دورية لما يمكن أن يتغير أو يتحول محلياً واقليمياً ودولياً في قابل الأيام باعتبار ذلك من المقومات والأسس الرئيسة في بناء وتعزيز حاضرها وفتح الآفاق والرؤية البعيدة أمامها لضبط مسارات التطور والتقدم واتجاهاته تحوطاً من بروز أوضاع استثنائية ” لامفكر بها” مسبقاً قد تعرقل وتحبط وتدمر ما انبنى خلال فترات زمنية ماضية.
وأصبح الاستشراف المستقبلي أحد سمات ولزوميات اشتغال الدول الرئيسة والمؤثرة وتشكلت لأجله المراكز واللجان المتنوعة التي تغذي رجال الدولة وأصحاب القرار بالرؤى المطلوبة وبكل ما من شأنه أن يدلهم على الاحتمالات الطارئة والخفايا الكامنة في أفق تحركاتهم وتوفر لهم كل ما يخلق لديهم إدراكات واستبصارات تقلل من احتمالات الخطأ وتبعث فيهم إرادات وقدرات التأهب لملاقاة المستقبل بعقل لا يخضع للمفاجأة والارتجال والارتباك وفقدان القدرة على التوازن وقت حدوث النوازل والأزمات .
إن هذا يدلنا بالإيحاء والمقارنة ( عند الحديث عن واقع أمتنا ودولنا ) على أن صياغة رؤى حول المستقبل تقع في صميم تحركنا لمعالجة الأزمة العربية والحاضر العربي المشظى ، فالأزمة العربية الراهنة تفتقد إلى عقل استراتيجي يعاين الحاضر بوعي عميق ويمتد إلى المستقبل ليطل من خلاله على كل المخاطر والمحاذير المتوقعة في حال استمرار التأزم والتفكك والانسداد وتدفع إلى معالجة الأزمة بعقل استراتيجي مستقبلي يربط بين تمزقات الحاضر وتداعياتها وأسباب نزولها وانعكاساتها الكارثية على المستقبل .
وليكن ( في حالتنا العربية الراهنة ) الخوف من المستقبل دافعاً رئيسا للحركة ( قبل أن يسبق السيف العذل ويفلت منا الحاضر والمستقبل معاً ونغدو في محنة الإمّحاء ! ) .
وإذا كان البعض لا يرى بأن الواقع الراهن بكل حمولاته الكارثية لا يشكل هذا الدافع فليكن تأمل المصير والآتي والكارثي هو الطريق لرؤية ومعالجة هذا الحاضر حتى لا نفقد الزمنين : زمن الحاضر والمستقبل .
الملاحظ “والباعث على الأسى” أن هناك اختلال وارتباك في إدراك ومقاربة هذه المخاطر والمخاوف وهناك قصور كبير لدى رجال الفكر بتحويل هذه الاحتمالات الغامضة إلى نداءات اعتراضية تحذيرية وجدل اجتماعي من أجل تغيير الحاضر والتفكير بالمستقبل ذلك أن مثل هذه الانعطافات الايجابية الخلاقة في التحليل والتصور والتفكير وما يرافقها من وضع البدائل والبرامج والتوجهات الايجابية هي خطوة بدئية هامة لابد منها لانبناء التفكير العقلاني الحافز على التغيير في واقع تتناهبه الأصوليات القاتلة والجهالات والهذاءات السياسية بشتى أنواعها وهي في فحواها ومآلاتها تضع الأمة ودولها في مأزق مستديم وحالة ما قبل الدولة وعلى بوابات التفكك وما قبل التاريخ وتكثف وتضاعف حالة التأزم والفوضى المسترسلة .

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى