
كلما ذهبت مع عائلتي في نزهة بالسيارة يبادر اولادي قائلين ( ماما وبابا بدنا اغنية يا قدس) وهم يقصدون بذلك قصيدة زهرة المدائن التي غنتها فيروز منذ عقود .
في الحقيقة لم اتوقع ان يتعلق ابنائي بهذه الاغنية على هذا النحو ، خاصة في ظل حالة الجمود الذهني المسيطرة على غالبية ابناء هذا الجيل ، فلم يعودوا يبالون بالمطالعة او الاهتمام بالقضايا الوطنية .
زادت دهشتي اكثر عندما سألتني صغيرتني التي لم تكمل بعد اعوامها الثمانيه عن معنى جملة ( وستغسل يا نهر الاردن وجهي بمياه قدسيه) ، واصرت لماذا نهر الاردن بالذات ؟
رائعة فيروز والاخوين رحباني ما زالت تحفة خالده ستجد من يقدرها على مر السنين ، انها اغنية تعيد الى اذهاننا ، ذكريات ذلك الزمن البعيد الذي كان يتسابق فيه المطربون الكبار والشعراء المبدعون لكتابة وغناء القصائد الوطنية التي تغذي روح المقاومة والصمود في نفوس الجماهير العربيه .
واليوم اذا ما رفع احدنا صوته رافضا التطبيع مع العدو ، تعرض للمضايقات وربما يندرج فعله تحت بند (محاولة تعكير صفو العلاقات مع دولة مجاورة ) ، وقد يتعرض لما هو اكثر . وعليه فان فيروز باغانيها الوطنيه قد تعتبر محرضة على الارهاب .
كنا فيما مضى ننتظر الدقائق العشر التي تسبق نشرة اخبار الثامنة على التلفزيون الاردني لنستمع الى الاغاني الحماسيه التي تدعونا الى عدم الاستسلام واليأس ومحاولة النهوض من جديد .
اتذكر من ذلك الزمان البعيد ، ( الارهابي ) اللبناني المبدع محمد سلمان صاحب المواهب المتعددة الذي كتب وغنى بشغف اغنية :
لبيك يا علم العروبة ،، كلنا نفدي الحمى
لبيك واجعل من جماجمنا لعزك سلما
لبيك ان عطش اللوا ، سكب الشباب له الدما
لبيك ، حتى تنقل الارض الهتاف الى السما
واختم ذكرياتي باغنية لاحد اعمدة ( الارهاب ) المطرب الراحل فريد الاطرش ورائعته:
شعبنا يوم الفداء
فعله يسبق قوله
لا تقل ضاع الرجاء
ان للباطل جوله