الحكومة الجديدة والطاقة المتجددة؟ / د. أيّوب أبو ديّة

الحكومة الجديدة والطاقة المتجددة؟

مستشار في الطاقة والأبنية الخضراء
يشتمل خليط الطاقة في الأردن على إنتاج الكهرباء الذي وصلت نسبته إلى نحو 42 % من خليط الطاقة فيما يذهب نحو 49% منه لقطاع النقل والباقي لقطاعات الصناعة والتجارة والزراعة والتدفئة المنزلية والحكومية. وقد ارتفع استهلاك الأخيرة إلى 46% من مجمل استهلاك الكهرباء عام 2017 (وتشتمل على سرقات الكهرباء التي انخفضت مؤخرا إلى 13.1%).
يتضح من التقرير السنوي لشركة الكهرباء الوطنية أن عام 2018 سوف يشهد تشغيل 205 ميجاواط من طاقة الرياح و756 ميجاواط من الطاقة الشمسية، وأن ذلك يكافئ 1344 غيجاواط. ساعة، أي نحو 7% من الطاقة الكهربائية المنتجة في المملكة عام 2017. أما فيما بين عامي 2019 – 2021 فهناك مشاريع رياح جديدة بقدرة 518 ميجاواط ومشاريع طاقة شمسية بقدرة 1247 ميجاواط، الأمر الذي يجعل الأردن قادراً على إنتاج 25% من كهربائه من الطاقة المتجددة بحلول عام 2021. وهذا ما يجعلنا متفائلين بتحقيق سقف الإستراتيجية الوطنية للطاقة الجديدة (2016 – 2025) ومقداره 20% طاقة متجددة من خليط الطاقة بحلول عام 2025.
وهذا إنجاز مهم للأردن أرجو أن تسعى الحكومة الجديدة لتحقيقه وأن تضيف إليه تساؤلا جديدا هو: لماذا نضع أسقفاً لأنفسنا ونفترض بأن الشبكة الأردنية لا تتحمل أكثر من ذلك؟ ولماذا لا ننفتح على شبكات دول مجاورة؟ ألم نسمع من هيئة الطاقة الذرية مراراً وتكراراً أنها تنوي عمل أكثر من مفاعلين نووين بقدرة تبدأ من 2000 ميجاواط كحد أدنى؟ فلماذا هذا مسموح بينما هو محرّم على الطاقة المتجددة النظيفة والمستدامة والخالية من التبعية والقروض؟
وللتأكيد على إمكانية الوصول إلى نسب أعلى بكثير من مساهمة للطاقة المتجددة نسوق أمثلة على ذلك كما يلي:-
من الجدير بالذكر أن معدل مساهمة الطاقة المتجددة في إنتاج الكهرباء في العالم قد بلغ في عام 2016 نحو 24.5%، فهل الحديث عن إمكانية الوصول إلى 100% طاقة كهربائية من مصادر متجددة للطاقة أمر ممكن؟
عالمياً ارتفع الاستثمار في الطاقة المتجددة في عام 2013 إلى 232 مليار دولار، وقفز إلى 270 مليار دولار في عام 2014، ثم إلى 360 مليار دولار أمريكي عام 2015 وفق إحصائيات بلومبرغ. وهذا مؤشر على تنامي الاستثمار في الطاقة المتجددة على صعيد عالمي.
وإذا استعرضنا حال نيكراغوا في جنوب أمريكا، على سبيل المثال، فقد بلغ إنتاجها من الطاقة المتجددة نسبة 50% من استهلاكها للكهرباء في عام 2013 وهي تطمح اليوم لأن تسهم الطاقة المتجددة بنسبة 90% من حاجتها إلى الكهرباء عام 2025، بينما الأردن، على سبيل المثال أيضاً، وضع نصب عينيه في أحدث رؤية إستراتيجية الوصول إلى 25% طاقة متجددة من الكهرباء في عام 2025.
أما الأرغواي فحالها أفضل حيث كانت تسهم الطاقة المتجددة بنسبة 50% من حاجتها إلى الكهرباء عام 2015 وتتطلع إلى وصول 100% في الأعوام القليلة القادمة.
ويمكن القول إن السويد تعتبر من الدول الطموحة جداً حيث تأمل إنتاج نصف حاجتها من الكهرباء من الطاقة المتجددة في عام 2020 ولكنها أيضاً تطمح إلى تغطية كافة حاجتها من الكهرباء بحلول عام 2030، بما في ذلك قطاع النقل، فهل تعتبر السويد أكثر دول العالم طموحاً في هذا المضمار؟
بدأت الكثير من الدول والمدن في العالم تحذو حذو السويد، فقد أعلنت مدينة سدني الاسترالية أنها سوف تنتج 100% من حاجتها إلى الكهرباء بالطاقة المتجددة عام 2030، ولكن يبدو أن مقاطعة فوكوشيما التي تضررت بكارثة المفاعل النووي في عام 2011 قد عقدت العزم أن تنتج كافة كهربائها من الطاقة المتجددة بحلول عام 2040. وكذلك تطمح دولة المغرب العربي الشقيق إلى توليد 100% من حاجتها من الكهرباء بالطاقة المتجددة بحلول عام 2050، فيما بلغ إنتاج اسكتلندا من الكهرباء 50% من الطاقة المتجددة في عام 2014 ولكنها تطمح إلى أن تنتج كافة كهربائها من الطاقة المتجددة بحلول عام 2020.
إذا، هناك مشاريع رائدة في العالم يمكن أن نتعلم منها ونطمح إليها للاعتماد الذاتي على الطاقة النظيفة والمستدامة والتي تحرر الدول من أي تبعية وتحميها من أي مخاطر ناجمة عن كوارث طبيعية أو اصطناعية (كالكوارث النووية) بحيث تعزز مكانة الدول وأمنها ومستقبل أبنائها.
ختاماً نقول: بالرغم من أن الوصول إلى 100% طاقة متجددة في خليط الطاقة أصبح أمراً ممكناً، وبخاصة في ضوء تطور آليات تخزين الطاقة واتساع الشبكات الكهربائية واندياحها، فإن نقطة البداية تكمن في ترشيد استهلاك الطاقة أولاً، وللأسف فإن نصيب الفرد من استهلاك الكهرباء في الأردن قد ازداد من 1712 في عام 2016 إلى 1741 كيلواط. ساعة سنوياً في عام 2017، فيما زاد نصيب الفرد من الطاقة الأولية (كثافة الطاقة) من 981 عام 2016 إلى 991 كيلو نفط مكافئ عام 2017 الأمر الذي يشير إلى بطء خطط ترشيد الاستهلاك وتراخي إجراءات رفع كفاءة الطاقة وعدم الرؤية الواضحة لضرورة تأسيس قاعدة وطنية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من مصادر الطاقة المحلية المستدامة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى