“أعطني حريتي !!!” / محمد شواقفة

” أعطني حريتي !!!”

منذ فترة طويلة و انا ألجأ للفيسبوك كملجأ طوعي و اختياري للتعبير عن الافكار و الاراء ظنا مني انه طريقة وهمية فعلا تشبه الكتابة على الماء …. اذا رآها أحد قد يقرأها و ربما أحيانا لا تجد من يقرأها ….. لم أتعرض لكثير من المضايقات او التأثير بما يعجب الجمهور و فعلا لأنني اختار غالبية اصدقائي عبر المحيط الازرق بدقة و عناية و فعلا لم اضطر يوما لحذف أحد …. و مع ذلك اكتشفت ان هناك من هو موجود على صفحتي و يقرأ تقريبا كل ما أكتب و لكن دون أن ينبس ببنت شفه و يراقب – بشكل ايجابي- كل منشوراتي ….
لاحظت مؤخرا ان حريتي بالتعبير و سقف ارائي بدأ ينخفض رويدا رويدا …و قد أنكرت ذلك على ذاتي و قلمي …. و لكن ما بيد حيلة … “فالخوف يقطع العصب و الهزيمة ثلثي المراجل ” و مع ذلك لا يزال في الضمير كثير من البوح و لم تنته الحوارات و لا تزال كثيرا من رواياتنا بدون خاتمة …..
لماذا صرت اتجنب الكلام في السياسة …؟! مع انها عشقي الازلي و جزء لا يتجزأ من شخصيتي …. بت لا أعرفني …. و وجدت ان اصحابا كثيرون انفضوا من حولي …. بعضهم لم يقاطعني تماما و لكن ابتعد قليلا و اكتفى بالمراقبة من بعيد !!!!
لماذا لم يعد قلمي الساخر ذلك السوط الذي يسيم الفاسدين عذابا و قلقا …. ؟! هل تغيرت معاني الكلمات أم ان تكرار الحديث أفقده معانيه ؟! ….هل وصل الناس لمرحلة انهم فعلا لا يكترثون …؟!
هل قصص الفقراء لم تعد تهم احدا ؟! او ان الحزن و الهم باتا جرعة يومية لا بد ان يتجرعها كل منا له منها نصيب ؟!
لم يعد الفيسبوك ملاذي الآمن و لا أظن ان دبابيسي التي جاوزت عدة مئات فعلا تصل لمن اقصد ….
لكنني ايضا وجدت ان عالمي الافتراضي على الفيسبوك لم يعد يسمح لي ايضا بأن أكون مثل الكثيرين …. و قد بات اكثر قسوة و صرامة ….
لم نعد نتبادل انا و اصدقائي الطرائف او المواقف الحياتية المهمة …. لا استطيع بعد اليوم مشاركة محاولاتي الفاشلة في الطبيخ او ان ابث اجتماعي مع اصدقائي في لحظات خارج الزمن حول طاولة الشدة او ونحن نحتسي شاي عالحطب و بعضا منا ينفث دخان ارغيلته …..
لم يعد ابدا من اللائق الحديث عن مباريات الكرة و المناكفات المحببة بيني و بين اصدقائي الرياضيين …. مع انني بالكاد أحضر اي مباراة …. فعلا اشتاق لاصدقائي الذين يتناظرون بالمواضيع الشيقة في نقد قصيدة حب او تحليل صورة غزلية ….. اين اختفت مشاركات صديقي الفنان الذي لا يجيد العزف و لم يعد هناك مكانا للفرح …. لماذا لم يعد هناك مكان لكلام عابر ….
هل افقدنا الفيسبوك حريتنا التي كنا نبحث عنها دائما …. الا يليق بنا ان نعيش لحظاتنا دون قيود و لو في عالم افتراضي …. هل بات الاحتفال باي طريقة باي مناسبة و ان كانت عيد الفالنتين الذي لا يعترف به احد جريمة و لا بد من محاسبة المقصرين و احراقهم و نبذهم من المجتمع بحجة الخروج على الاعراف….
الفيسبوك بات سجنا يحرمنا حريتنا ….. اشتقنا لمهاترات المحيط الازرق …. اتركوا لنا فسحة من الحرية …. نحارب الفاسدين و نلاحقهم و لكن نحتفل باعياد ميلاد الاحبة و نتشارك الاغنيات و نتبادل صورنا و مناسباتنا …. اريد ان يراني صديقي و انا ادبك في عرس و اريد ان اشاركه عيد ميلاد ابنه الوحيد …. و اريد ان امارس حريتي على صفحتي ..
انا هكذا انسان طبيعي …. عندي سخط و نقمة و عندي لطف و محبة …. عندي حزن و الم و لكن عندي فرح و بهجة ….. عندي الجد و عندي الهزل ….. فيا صديقي لا تحبني او تكرهني قطعا و اجزاء !!!

“دبوس عالحرية ”

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى