سواليف
قدّم وفد الحكومة الأردنية الى جنيف ، صباح أمس الجمعة الموافق 21/11/2015، تقريره الدوري الثالث إلى لجنة الأمم المتحدة المنبثقة عن الإتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، حول مدى إحترام وتطبيق الدولة الأردنية لبنود هذه الإتفاقية خلال السنوات الخمس الماضية، أي منذ تقديمه تقريره الدوري الثاني في آيار/مايو 2010.
بدأ رئيس الوفد، السيد السفير مصطفى عيّاد، مدير إدارة حقوق الإنسان في وزارة الخارجية بعرض ملخص عن تقرير الأردن للجنة المذكورة. وقد أكّد رئيس الوفد على أنه لا يوجد تعذيب في الأردن، وأن أي وقائع تعذيب تحدث هي عبارة عن “ممارسات فردية”. وأكّد أيضاً بأنه “لا توجد سياسة الإفلات من العقاب في الأردن”. وأضاف بأنه أدخلت تعديلات على الدستور بحيث “أصبح التعذيب جريمة، وفقاً للدستور”. وأجمل قائلاً بأن الدولة الأردنية قد تأسست على إحترام حقوق الإنسان.
بعد ذلك، بدأ اعضاء لجنة مناهضة التعذيب بطرح اسئلتهم وملاحظاتهم على الوفد الأردني:
• د. سعدية بلمير، عضوة اللجنة، المغربية الأصل، كانت أكثر الأعضاء طرحاً للأسئلة، ربما لإتقانها اللغة العربية، حيث قالت بأن التقرير لم يوضّح مفهوم التقادم بالنسبة لجريمة التعذيب على الصعيد الوطني، ولاحظت بأن “جريمة التعذيب لا تزال تعتبر جنحة ولم تتغير بحيث تصبح “جناية”، وبأن العقوبات والجزاءات لم تتغيّر بالنسبة لمرتكبي التعذيب. وقالت بأن المادة 208 من قانون العقوبات الأردني، المتعلقة بالتعذيب، يجب أن تشمل توضيحاً حول الموظفين المكلّفين بإنفاذ القانون. وطرحت سؤالاً يتعلق بمكانة إتفاقية مناهضة التعذيب في المنظومة القانونية في الأردن وبأن مركز ووضعية هذه الإتفاقية غير واضحين في تلك المنظومة. وطرحت د. بلمير ملاحظة حول ضرورة إبلاغ الأسرة عن إحتجاز أحد أفرادها وتحديد تاريخ ومكان الإحتجاز وقالت موجهة كلامها إلى الوفد الرسمي ” أنتم من ينبغي عليه إخطار الأسرة بهذه المعلومات”. وأردفت بأن الموقوف لا يحاط علماً بحقوقه، ولا تحترم هذه الحقوق كما أنه لا يحاط علماً بالتهم الموجهة إليه. وقالت بأن على الهيئات القضائية الإستناد إلى الإتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، بإعتبار الأردن دولةً طرفاً فيها، في مداولاتها وعند إتخاذ قراراتها. ولاحظت السيدة بلمير بأنه لا يوجد أي مبرر للإحتجاز الإداري إستناداً إلى “قانون منع الجرائم”، وبأن التوقيف الوقائي لمكافحة الجريمة لا أساس له وهو يخالف مبادئ وإتفاقيات حقوق الإنسان. وطرحت سؤالاً : “ما هي الحالات الطارئة التي لا يحضر فيها المحامي التحقيق مع المتهم ؟”، وسؤالاً آخر عن وفاة نجم الدين العزايزة وسلطان الخطاطبة. وأخيراً لاحظت د. بلمير بأن “الضمانات الأساسية لحقوق المتهمين غير مكفولة ولا يتم إحترامها في الولايات القضائية الخاصة”.
• أما د. زانغ، عضو لجنة مناهضة التعذيب فقد وجّه الأسئلة التالية : 1) هل يتم تدريب الموظفين المكلّفين بإنفاذ القانون على إتفاقية مناهضة التعذيب وبروتوكول إسطنبول ؟ ؛ 2) هل يتم تدريبهم على جميع أحكام مواد الإتفاقية وما هي فئات الموظفين الذين يتم تنظيم الدورات التدريبية لصالحهم ؟ ؛ 3) ما هي الحالات التي تمت إحالة أفراد من الشرطة إلى القضاء، وماذا كان مصير هذه القضايا، ولماذا يحدث التأخير في إصدار الاحكام بهذه القضايا ؟ ؛ 4) ما هو الوضع الحالي لسحب الجنسية من مواطنين، وهل يملك هؤلاء حق الإعتراض على هذا القرار؟ ؛ 5) ما هي التدابير التي اتخذتها الحكومة فيما يتعلق بالعقاب الجسدي الذي قد يتعرض له أطفال ؟
• من جانبها، طرحت عضوة اللجنة السيدة س. رادهان ـ مالا الأسئلة التالية : 1) ما هي التدابير المتخذة في حال تم الإخطار من طرف فرد من رتبة أدنى عن فرد في رتبة أعلى حول إقتراف التعذيب ؟ ؛ 2) ما هي الموارد المادية التي يتم وضعها تحت تصرف المركز الوطني لحقوق الإنسان من أجل قيامه بزيارات للسجون ؟
• السيد أ. بروني، عضو اللجنة سأل الوفد عن المعلومات حول إغلاق سجن الجويدة بسبب الأوضاع السيئة فيه ؛ وسأل أيضاص عن المادة 22 من إتفاقية مناهضة التعذيب المتعلقة بتقديم شكاوى.
• رئيس اللجنة، السيد كلاوديو غروسمان سأل عن الكفالة وفيما إذا كان اللاجئ في مخيم اللاجئين يحتاج إلى إذن من أردني للإقامة ؛ وطرح سؤالاً عن ستة من رجال الشرطة الذين تم إحالتهم إلى محكمة الشرطة لإرتكابهم أعمال تعذيب، وطلب مزيداً من المعلومات حول هذا الموضوع.
• السيد ج. مودفيج، عضو اللجنة سأل فيما إذا كانت الحكومة تتجه للمصادقة على البروتوكول الإختياري الملحق بإتفاقية مناهضة التعذيب.
• أخيراً تساءل عضو اللجنة، السيد س. ج. دوماه بإستغراب وإستهجان قائلاً بأنه يجب أن يكون هناك ممثل للجهاز القضائي ضمن أعضاء الوفد، مضيفاً بأنه يجب التفريق بين القضاء المستقل والجهاز التنفيذي والتشريعي. كذلك سأل عن كيفية تعامل القضاء مع المحاكم الخاصة.
ـ في معرض الإجابة على الأسئلة، قال السيد عبدالله سميرات، من وزارة التنمية الإجتماعية بأن العمل جار على إعداد الأنظمة والتعليمات المتعلقة بقانون الأحداث الجديد، ومن المؤكد أن العمل بشأنها سوف يتم الإنتهاء منه قبل نهاية هذا العام. كما قال بأن ديوان الرأي والتشريع قد إنتهى من مناقشة مشروع قانون الحماية من العنف الأسري قبل ثلاثة ايام، وذلك لغايات المضي في الإجراءات التشريعية .
ـ أما السيد خالد العرموطي، من وزارة الداخلية فقال بأنه تم إعفاء اللاجئين من الغرامة وضريبة المغادرة. وبأن الأردن ملتزم بعدم رد أو طرد اللاجئين السوريين. على صعيد آخر، أوضح المسؤول الأردني بأنه لا يتم سحب الجنسية إلاّ بموافقة مجلس الوزراء. وقال بأنه تم التعميم على الحكام الإداريين لتسهيل عمل المحامين حسب الأصول القانونية. وفيما يتعلق بصلاحية الحاكم الإداري، قال السيد العرموطي بأنها مقيّدة بموجب قانون منع الجرائم فيما يتعلق بالتوقيف الإداري.
ـ السيد سامح الهدبان من مديرية الأمن العام قال بان المركز الوطني لحقوق الإنسان يقوم بالزيارات لمراكز الإصلاح والتأهيل دون إذن او موافقة من المديرية. وتحدّث عن الإهتمام بالرعاية القانونية للنزيل ومتابعة إجراءات توقيفه ومحاكمته، وضمان كافة الإجراءات المتعلقة بالنزيل، وأشار إلى وجود ضباط إرتباط في المحاكم. وأضاف بأنه تم تخصيص مدع عام للشرطة في مراكز الإصلاح والتأهيل وبأنه يحق للنزيل تقديم شكوى. وأكّد بأن الرعاية الصحية متوفرة للنزلاء وبأنها تبدأ منذ لحظة دخول النزيل إلى المركز. وحول سجن الجويدة / رجال، قال بأنه يتعذّر إغلاقه لعدم وجود بديل وبسبب العدد الكبير للنزلاء فيه.
ـ من ناحيته، أوضح د. محمد النسور، من وزارة العدل بانه تم إطلاق نسخة الدليل التدريبي للتقصي عن جرائم التعذيب. وقال بأن اللجنة الدائمة المتعلقة بتعديل التشريعات، ومنها المادة 208 من قانون العقوبات هي في حالة إنعقاد دائم. وقال بأن هناك مشروع حول العقوبات البديلة ما قبل التوقيف يهدف للتخفيف من الإكتظاظ في السجون.
هذا وسوف تستأنف اللجنة مناقشة التقرير الحكومي الأردني بعد ظهر يوم الإثنين المقبل الموافق 23/11/2015 بسبب عطلة نهاية الأسبوع. ويمكن متابعة تلك الجلسة على الهواء مباشرة في كلية الأمير الحسين للدراسات الدولية في الجامعة الاردنية إبتداءً من الساعة الثالثة بعد الظهر بتوقيت الأردن.
ويسود إعتقاد لدى بعض المراقبين المتخصصين والمتابعين لمسائل مناهضة التعذيب في جنيف بأن الإجابات التي قدمها أعضاء الوفد الاردني حتى الآن كانت تتسم في أغلب الأحيان بالعمومية وتتجنب، كما هو واضح، تقديم تفاصيل كان يطلبها بعض أعضاء اللجنة في أسئلتهم. وبالإجمال لم تأتي الإجابات بجديد، وبأنه يمكن وصفها بتعبير “مكانك راوح” … إللهم إلاّ إذا ظهرت عناصر جديدة وإجابات واضحة وتفصيلية في جلسة بعد ظهر الإثنين القادم، وهو ما ينتظره ويأمل فيه مندوبو المنظمات الأهلية الأردنية المعنية بحقوق الإنسان الذين حضروا إلى جنيف وقابلوا أعضاء في لجنة مناهضة التعذيب يوم الخميس الماضي.
الجمعية الأردنية لحقوق الإنسان