#المتسولون في #المواقع_العليا..!
#موسى_العدوان
من القصص التي وردت في كتاب ” حديث المساء ” للكاتب أدهم شرقاوي القصة التالية، واقتبس بتصرف:
” المتسوّلون ليس أولئك الذين يلبسون ثيابا رثّة، ويمدون أيديهم في الطرقات، بل هناك متسوّلون مرموقون، منهم بعض #رؤساء_الوزارات، والوزراء والأعيان، مهما بلغوا من العمر ومهما تقلّدوا من مناصب.
ومنهم أيضا مثقفون و #أدباء و #شعراء، فهم لا يخجلون من كيل عبارات المدح والثناء الرخيص لرؤسائهم، حتى وإن كانوا أصغر منهم سنا واقل خبرة. ومن أبرز الشعراء المتسولين حد الكفر ابن هانئ الأندلسي، الذي مدح الخليفة المعز لدين الله الفاطمي في مصر، بقصيدة طويلة جاء في مطلعها:
ما شئت لا ما شاءت الأقدار . . . فاحكم فأنت الواحد القهّار
وهناك مفتون في الدين يفصّلونه بأيديهم، كما يفصّلون القماش، على مقاس من يخصهم بالمنفعة أكثر من غيرهم. وهناك أيضا متسولون عندهم قنوات تلفزيونية أو مواقع إلكترونية، وموظفون يتسوّلون عند رئيس مجلس الإدارة، ومدرّسون يتسوّلون عند مدير المدرسة.
هؤلاء المتسولون جميعا . . لا يمدون أيديهم كالمتسوّلين الذين نراهم في الشوارع . . بل أنهم يعرضون ماء وجوههم المصفحة بصورة رخيصة، لكسب رضا مسؤوليهم، وتحقيق مصالحهم الخاصة “. انتهى.
* * *
التعليق:
ما أصدق هذا الكلام وأكثره تجسيدا للواقع الذي نعيشه هذه الأيام. فما تكاد تقع عينك على مقال في إحدى الصحف الورقية أو الإلكترونية، أو تسمع خطابا أمام مسؤول، إلاّ وتكتشف مدى #الرياء والتسول الذي يقطر من بين كلماته، دون تردد أو حياء من المتلقين الذين يعرفون مراميه وغاياته.
وإن كان المتلقي ذو مكانة وظيفية مرموقة ويتربع على سدة القرار، فإنه قد يطرب لذلك الخطاب التسوّلي، فيضع الخطيب على قائمة المبشرين بوظيفة قادمة، حتى وإن كان غير أهل لها. وبهذا يتردى الأداء العام، وتظهر العيوب ماثلة أمام الجميع في وقت لاحق، ليدفع #الشعب ثمنها من قوته اليومي وعلى حساب معيشته.
ومن المستغرب أن تجد هذه الأيام، أحد الموظفين في موقع متقدم، يطل علينا كل أسبوع بطلعته غير البهية، ليقدم لنا تحليلات تتعلق بترجمة وشرح تصريحات لمسؤولين آخرين أعلى منه موقعا، فتجدها طافحة بالرياء والتسول غير اللائق بمكانة ذلك الموظف. فأتساءل حينها: هل يعقل أن يمتهن موظف في موقع متقدم، كل هذا الرياء والتسول الرخيص ؟ وهل الغاية من فعله هذا، الحفاظ على موقعه في تعديلات قادمة، أم طموح بموقع أعلى تملأ جيوبه التي يصعب ملؤها ؟
لماذا لا يبتعد صاحبنا عن هذا المتسول، ويترك هذا الباب لكاتب أو صحفي مبتدئ، يحاول تحسين دخله المادي، ويكتفي بما قسم الله له، سواء كان ذلك بجدارة أو بحكم الصداقة والمعرفة ؟ لكنه الجشع وحب الظهور مقرونا بالأنانية، التي تشعره دائما، بأن شخصيته لا تكتمل إلاّ فوق كرسي الوظيفة..!
التاريخ : 26 / 11 / 2022