اللانهاية للاستخفافِ بعقولنا ! / م . عبدالكريم أبو زنيمة

اللانهاية للاستخفافِ بعقولنا !

لم يعد خافياً على أي مواطن أردني حجم التردي والإنهيار الذي نعيشه ، فالمديونية فاقت كُل الأرقام المُتوَقعة لأيِّ دولة فاشلة على مستوى العالم ووتيرتها آخذة بالتزايد بشكلٍ مُثير للاستغراب وكأنَّ هذا الأمر مُخططٌ لهُ بعناية ، فبالرغمِ من دق طبول الخطر وليسَ نواقيس الخطر من قِبل الكثير من المُتخصصين في الإقتصاد المُنبهة للنهايةِ المأساوية والمخاطر التي سيوردنا إليها مندوبي البنك الدولي وصناديق النقد وما أُطلق عليهم مجموعة الصلعان ، إلا أنَّهُم صمّوا آذانهم عنِ أصوات هذه الطبول ، وكأنَّ ما يجري هو زفة في بلدٍ آخر !
كل المسؤولين عن الإنهيارِ الإقتصادي والمالي كانوا بالأمس يبثونَ دِعاياتٍ كاذبة تُبشر بتحسنِ الأوضاع وتجاوزها ، إلا أنّنا نقف اليوم على أعتابِ إنهيارٍ إقتصادي وإفلاسٍ تام ، كما أنَّ الدلائل جميعُها تُشير إلى أنَّ الدينار سيفقد نِسبة كبيرة من قيمتهِ بالقريبِ العاجل . من الدِعايات الكاذبة والمُجملة للواقع أيضاً هيَ أقوال المسؤولين الأمنيين الذينَ كانوا ينكرون وجود المخدرات ويؤكدون بأنَّ الأُردن ممر وليس مقر للمُخدرات…وها هي اليوم مُقيمة ومُستوطنة بل ومستفحلة بينَ أطيافِ المُجتمعِ الأًردني.. فمن هم رُعاتها وتُجارها ؟ من أكاذيبهِم أيضاً نَفي الجريمة المنظمة ! فهل نصدقهم والعِصابات الإجرامية آخذة بالتشكُل في كُلِ مدينةٍ وحيٍ وحارة ؟ كذبوا ولا زالوا يكذبون إلا أنَّ الواقع كانَ لهُم بالمِرصاد وافتضح جميع أكاذيبهم ، فهل سنكونُ على موعدٍ مع إفتضاح أُكذوبة الأمنِ والأمان أيضاً ؟
لا مجال للتذكير والتعليق على التصريحات الهمجية اللامسؤولة على مدار عقودٍ مِنَ الإنحطاط ، فَقد ثَبَت زيفُها وخداعها للشعبِ الأُردني من خلال النتائج التي نعيشها اليوم ، والقادم أسوأ ، إذ ليسَ هناك ما يشير إلى عكسِ ذلك..نهج سياسي مبني على دولةِ العلاقات الإجتماعية..حكومات وراثية..مؤسسة الفساد متغولة على كل مفاصل الدولة..سيادة مرتهنة ومرتبطة بأمريكا ومشاريعها ، كُلُ هذا الإنهيار صاحبَهُ إعلام تضليلي تَمثَلَ في تزييفِ الحقائق وتشويهها ، فتمَ تصوير الفَشل على أنَّهُ نجاح والانهيار على أنَّهُ قفزات نوعية والخسائر أرباح ، وأخيراً السطو والسلب تحصين للمال العام، عدا عَنِ الإصرار الغريب على الاناشيد والتمجيد والتفخيم ونظم القصائد والمعلقات !!!
الكثير من زعماء العالم الذين نجحوا في بناء دولهم واقتصادياتهم منعوا وحظروا الإعلام التضليلي والتصفيق والتزمير للقائد ووصفوه بالعدوِ الأخطر لانهيارِ الدولة ومنهم الجنرال ديغول وكذلك الملك فيصل بن عبدالعزيز الذي مَنعَ وزارة الإعلام من نشرِ صورهِ مُرفقةً بالكلمات الرنانة والاغاني التي تقال فيه وزاد على ذلك بأن قال لهم بأنه ليس مُتابع لا للراديو ولا للتلفزيون..أي قالَ لهم بطريقةٍ غير مُباشرة كفاكُم كذباً ونفاقاً .
نعرفُ أنَّنا معشر الشعب الاردني في وادٍ وأنتُم في وادٍ آخر، لكنه لم يعُد خافياً على أحدٍ مِنا كذبكم وفشلكم وسرقاتكم وحدود مسؤولية كل واحدٍ فيكم..لكن ما نطلبه منكم اليوم أن تتوقفوا عن الأستخفافِ بفهمنا ووعينا وحدود إدراكنا وصبرنا وحرصنا على أمنِ الوطنِ واستقراره .
aboznemah@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى