عشرون عام / معتز غازي العطين

عشرون عام سجنوك واي سجن ذلك يا شاهدنا .

غزا الشيب راسك وتغيرت ملامحك ولكن كرامتك ازدادت وما زلت كما سجنت لا تعترف بالكيان المحتل ولا زالت عقيدتك العسكرية كما هو جيشنا الان تؤمن ان العدو هو الكيان المحتل فقط .

لكنك ستكتشف انك سجنت عشرين عاما محكوم بالعزة والفخر رافعا راسك بشموخ وكرامة واننا سُجنا نحن عشرون عاما محكومون بالعتمة والغموض رهنا لمخلفات وادي عربة برؤس ونفوس مذلوله .

ستعلم ان حياتك توقفت لتعود بعد عشرون عاما شاهدا على ان الحال غير الحال وان البلاد غير البلاد وان الحقوق اغتصبت والضمائر تغيرت وان مُخلفات وادي عربة تكالبت علينا فقصمت ظهر الوطن وفتت الدولة وان المحتل ما عاد محتلا لفلسطين بل وصل الينا ستتفاجئ اننا اصبحنا شركاء بالطاقة والغاز وان الكثيرون ما عادوا يرونه عدوا مركزيا ستكتشف ان منتجات العدو المسروقة من ارض فلسطين تباع على ارض كان اهلها يرفضون وجوده اصلا لان الغور ما عاد غورا يغذي الجياع في المريغة وكفر راكب ستكتشف ان دماء رفاقك راحت هدرا ولم تعد تذكر الا في الكلام والخطابات الرنانه عند الكثيرون وان حقهم ذهب كما ذهبت انت قبل عشرون عام ولكنك عدت وهم لم يعد حقهم سترى ان الاجيال استسلمت وان رفات الرفاق اصبح يخرج من الارض خجلا وحزنا على ما حدث لنا وما يحدث ستعلم ان الشهيد زعيتر والعمرو دمائهم راحت هدرا ستكتشف انك لم تكن مسجون واننا نحن المسجونون اليوم بالاتفاقيات والذل والهوان .

ستعلم وانت الذي لم يشهوك الزمان ولم يجبرك على تغير معتقداتك ولم تتغير نفسك وضميرك ان وطنك ما عاد لك وان هذا الوطن تغير كما تغيرت ملامحك يشبهك بتجاعيد السنوات ويختلف عنك بتجاعيد الضمير الذي لم يغيره الزمان عندك .

ستعلم ان سهل حوران وجبال الطفيلة وعجلون وصحراء البادية وقلعة الكرك تشكوا وجعا يعشش غرب الروح في فلسطين وتنزف الما من تكالب مخلفات وادي عربة جوعا وفقرا وقهرا وتهميشا وما عادت عمان تشبهنا ولا تشبه اهلنا وما عادت مؤسساتنا تقدر على الصمود في وجه المخلفات مخلفات التطبيع والاستنزاف والتفتيت .

نعم عدت والعود أحمدُ لتكون شاهدا على ذلك التغير الذي لم تعشه مرغما وبشكل ممنهج وستتفاجئ ليخيم الحزن على ضميرك الحي وسيزداد الشيب كثافة اكثر مما هو عليه .

#صباح_الحرية #احمد_الدقامسة #شاهد_وطن

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى