القُربُ و البُعدُ في فقه الحُبّ / كامل نصيرات

القُربُ و البُعدُ في فقه الحُبّ

يقولون مثلاً يسير كالنار في الهشيم : اللي بعيد عن العين بعيد عن القلب..! ورغم أن هذا المثل (يزبط) في حالات كثيرة ..ويصبح حجة منطقية عند واحد غاب ولم يحسبوا حسابه من المقلوبة أو المنسف و لم (يشيلوا له حصته) ..إلا أنه لا (يزبط) في حالة الحبّ الحقيقيّ ..!
فالحبُّ تلبُّس ..وكم من شخصٍ أمامك كل لحظة ولا تراه ..وكم من شخصٍ لا تراه إلا كلّ (حين ومين) ولكنك تراه على مدار اليوم ولا يغيب ..! سأضرب على نفسي مثالاً للتوضيح وليس للتعويم أو للتعميم وأرجو ألا يغار أحد من مثالي هذا و أن يأخذه على محمله الوحيد فقط ..مش ناقصني تأويلات ..أتفقنا ..؟؟:
أكرم الزعبي ؛ صديقي الشاعر المعروف ..يسكن في قرية أردنية على حدود سورية ؛ هي (خرجا) ..لا أرى (أكرم) يومياً ولا أتواصل معه يومياً ..ومع ذلك لا أتذكر إنني نسيت أكرم وهو غائب عن عيني ..و بالعكس ؛ كلّما مرّ ذكره شعرتُ بدفء غريب (غزل صريح ما فيش كلام) ..! أليس معنى هذا أن أكرم الغائب عن العين يسكن القلب..؟؟!(كيفني معك ؟ ما راحت المكمورة بلاشاً)..!
حلو الكلام ..؟ طيب ..امّي حين كنتُ أذهب مشواراً أيام العزّابية وأغيب عن البيت وأرجع ولا أجدها قد (شالت حصّتي) من (المثومة أو مفركة البطاطا و قلاية البندورة أو السلطة) ..هل معنى ذلك أنني لستُ في قلب أمّي ..؟ هل يشكك أحد في حبّ أمّي لي ..؟ صحيح كنت أعملها قصّة وحكاية ..بس الحق حقّ..!
الآن نأتي على المغزى من كل هذا الكلام ..الحكومات المتعاقبة ..الموجودة أمام عيوننا كل لحظة و ثانية ..و التي لا يخلو مشهد من وجودها ..لم تستطع للآن أن تحوّل هذه الرؤية الدائمة إلى حبّ أو شبه حبّ أو شيء مرّ من جنب الحبّ ..! الحكومات غير غائبة عن العين ..لكنها غائبة عن القلب تماماً ..!
متى سيرزقنا الله بحكومات تغيب عن العيون كيفما تريد و وقتما تريد بالقدر الذي تريد ولكنها لا تغيب عن القلوب مهما ابتعدت وأوغلت في بعدها ..؟؟ متى ..متى ..؟؟!!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى