القروض الشخصية في البنوك والممارسات الاستغلالية الخاطئة ج2

القروض الشخصية في البنوك والممارسات الاستغلالية الخاطئة: الجزء الثاني
د.مروان الزعبي

في الجزء الاول، تم التطرق الى الممارسات المخفية للبنوك وخاصة في اقساط القروض وانطلقت في ذلك من تجرية ذاتية فكل ما ذكر وسيذكر حصل معي قبل عدة ايام. وفي هذا الجزء سوف اتطرق لمشكلة ثانية في عقد القرض وهي “عمولة السداد المبكر والبالغة 1% من المبلغ المسدد”. ان المقصود انه اذا سدد العميل رصيد قرضه او جزء من قرضه بشكل مبكر فعليه ان يدفع 1% من المبلغ المسدد فمثلا لو سدد 10000 دينار فعليه ان يدفع 100 دينار اضافية للبنك. ان السبب في ذلك يعود الى ان البنك يحاول ادارة مخاطرة سعر الفائدة حيث تواجه البنوك بالاضافة الى مخاطرتي الائتمان والسيولة مخاطرة سعر الفائدة بشكل رئيسي حيث انه عندما تتغير اسعار الفائدة في السوق سيضطر البنك الى تعديل هيكل اسعار الفائدة لديه في جانبي الودائع والقروض مما يعرضه للمخاطر.
فعلى سبيل المثال، لو ارتفعت اسعار الفائدة السائدة في السوق، بسبب اجراءات البنك المركزي وفقا لسياسته النقدية، علما بأن البنك المركزي لا يتحكم باسعار البنوك لكنه يؤثر فيها، او بسبب زيادة الاقتراض الحكومي المحلي او لاي سبب اخر، ينبغي على البنك ان يرفع هذه الاسعار على الودائع والقروض. وبما ان الودائع معظمها قصيرة الاجل فسوف يضطر الى رفع اسعارها عند تجديد هذه الودائع لكنه لا يستطيع عمل نفس الاجراء في القروض لام معظمها طويلة الاجل فعليه ان ينتظر حتى تستحق ومن ثم يرفع الاسعار على القروض الجديدة ولذلك ترتفع الكلفة على البنك بشكل سريع في حين تتاحر الايرادات في الارتفاع على القروض وهذا ما يبرر فرض عمولة التسديد المبكر. ففي حالة ارتفاع اسعار الفائدة فلا مشكلة للبنك لانه يستطيع اقراض المبلغ المسدد مبكرا بسعر فائدة مرتفع ولذلك فهو مستفيد من التسديد المبكر، لكن المشكلة تحصل عندما تنخفض اسعار الفائدة فاذا سدد العميل مبكرا، فسوف يقرض البنك هذا المبلغ بسعر اقل من السعر الاصلي، وفي هذه الحالة يقع الضرر على البنك! وهنا اورد الملاحطات التالية:
1- ربما تكون هذه العمولة صادرة بتعليمات من البنك المركزي لحماية البنوك من التعثر وهذا امر مفروغ منه فالبنوك مؤسسات وطنية تقدم خدماتها للافراد والاعمال والحكومة.
2- لكن السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا تستوفى هذه العمولة في اوقات ارتفاع اسعار الفائد؟ نفهم ان البنك يتضرر في اوقات انخفاض اسعار الفائدة لانه سيعيد اقراض المبالغ المسددة مبكرا باسعار فائة منخفضة مقارنة بالاسعار الاصلية. اما في فترات ارتفاع اسعار الفائدة، فالتسديد المبكر مفيد للبنك لانه سيعيد اقراض المبالغ المسددة باسعار اعلى من الاسعار الاصليةّ!!!! واذا كان لا بد من استيفاء هذه لعمولة، فيجب ان ان يكون ذلك فقط خلال فترات انخفاض اسعار الفائدة. من الواضح ان في ذلك ظلم للمقترض ومكاسب غير مشروعة للمقرض.
3- من المعروف ان اسعار االفائدة في الاردن على القروض من اعلى دول العالم وكذلك هامش الفائدة، وهذا يعني ان تلك الاسعار كافية لتغطية المخاطر بما فيها مخاطرة سعر الفائدة فلماذا تفرض هكذا عمولات؟ واذا وجدت موجبات لها، فينبغي تخفيض اسعار فائدة القروض وبخلاف ذلك لايوجد اي مبرر لاستيفاء اي نوع من العمولات في ظل ارتفاع اسعار فائدة القروض.
وفي الخلاصة، هناك حاجة ملحة لاعادة النظر في اسعار الفائدة والعمولات لان حماية المقترضين واجبة تماما كحماية الجهاز المصرفي. وتحقيقا للشفافية، فلا بد من التوقف عن استيفاء هذه العمولات في القروض وخاصة القروض الصغيرة للافراد ودمجها في سعر الفائدة ليصبح سعر الفائدة هو المعيار الوحيد للكلفة في كافة البنوك.
د.مروان الزعبي
خبير مالي واقتصادي
جامعة الزيتونة الاردنية
m.alzoubi@zuj.edu.jo

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى