القرار الحكيم والسليم / م. عبدالكريم أبو زنيمة

القرار الحكيم والسليم في الوقت اللازم

ما يجري في دول الجوار من حولنا وآخره ما جرى في السودان والجزائر هو نتيجة عدم اتخاذ القرارات الحكيمة والسليمة في أوقاتها، حتى تراكمت الأزمات ووصلت ذروتها وانفجرت في نهاية الأمر، هناك عوامل تأزيم مشتركة في معظم أنظمة الحكم العربية، أهمها تغييب الشعوب العربية عن المشاركة في إدارة شؤون بلادها من خلال قوانين قمع الحريات وتزوير الانتخابات وغياب الشفافية والعدالة الاجتماعية وسيادة القانون، وكنتيجةٍ مباشرة تنشأ طبقة “العصابة” التي تستفيد من هذه الحالة وتستغلها لمصالحها، إذ تهيمن هذه العصابة على القرار السياسي والسيادي للدولة ويصبح لها امتدادات وارتباطات خارجية لاوطنية تؤدي إلى نخر هيكل الدولة من الداخل حتى تصبح الدولة عاجزة عن أداء مهامها وواجباتها وتلبية مطالب واحتياجات شعبها، الأمر الذي يجبره للخروج إلى الشارع للمطالبة بإسقاط النهج ورموزه دفاعاً عن كرامته وحقوقه.
في الأردن، لا نختلف على شكل وطبيعة نظام الحكم، لكننا نختلف في آلية ونهج إدارة الدولة، فمن حق الشعب الأُردني أن يكون له دستور بتوافق شعبيّ غير قابل للعبث من قبل المجالس النيابيّة المزورة، يكون فيه هو مصدر السلطات، ومن حقه أيضاً تشكيل حكومات بطرق وأساليب ديمقراطية تأتي عبر انتخابات حرة ونزيهة وشفافة تضمن وصول القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني لقبة البرلمان ضمن معايير الكفاءة العلمية والعملية والسلوكية للنائب، ومن حقه أن يقوم القانون بحماية المعارضة الوطنية، ولكي يسود القانون وننعم بالعدالة لا بد أن يكون القضاء مستقلاً وغير مرتبطاً بالسلطة التنفيذية بأيّ شكلٍ من الأشكال، وأن تكون أجهزة الرقابة والمحاسبة مرتبطةً بالقضاء أو بالمجلس التشريعيّ المنتخب ديمقراطياً، هذه الحقوق تشكل في مجموعها ومضمونها المصلحة الوطنية العليا للدولة ونظام الحكم نفسه.
ما طالب ويطالب به السّودانيون والجزائريون اليوم هي نفس المطالب التي نطالب بها… محاربة الفساد ومحاكمة رموزه..إسقاط نهج إدارة الدولة…انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة…الخ، لكن الفرق بيننا وبينهم هو التوقيت فقط، فالوقت عندهم قد فات لإجراء أيّة إصلاحات، أما نحن فلا زلنا نمتلك عامل الوقت، آن الأوان لدينا لأن نتخذ القرارات الحكيمة والسليمة واللازمة للإصلاح الشامل ولتهيئة المناخ الديمقراطي السّلمي لبناء الأردن الحديث..دولة القانون والمؤسسات، أساسها وعمادها الرئيس هو الدستور وجوهره أن الشعب مصدر السلطات، فالشعب هو من يحمي ويبني الوطن..أما العصابات فأموالهم بانتظارهم خارج الوطن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى