سواليف
عقد ملتقى القدس الثقافي الأربعاءالماضي ندوة “قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وأثره على القدس والمقدسات” في مركز هيا الثقافي في عمان. وذلك بحضور عدد من المختصين بأكثر من مجال لمناقشة هذا القرار ومحاولة لإيجاد حلول لمواجهته.
تداخلت التصريحات السياسية والحزبية والشعبية على اثر قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لنقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة بوصفها عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، بين نظرة قانونية وأخرى تعبوية وثالثة تفاؤلية.
بدأ عضو مجلس إدارة ملتقى القدس الثقافي الدكتور نبيل السعدون الندوة بطرح تساؤلات حول قرار ترامب. ليفتح المجال للضيوف لعرض آراءهم.
شدد السعدون على خطورة لفظ “القدس الشرقية” الذي تكرر في الاجتماعات والمؤتمرات الخاصة بمناقشة قرار ترامب. ووجهة أول تساؤل حول الوضع القانوني لهذا القرار للدكتور أنيس قاسم.
فعن مساحة الفعل القانوني تجاه القرار اعتبر المختص في القانون الدولي والمحامي الدكتور أنيس قاسم أن هذا القرار جاء مخالفاً لسياسة ثابتة منذ أكثر من خمسين عاماً، لم يحد عنها أي رئيس أمريكي سابق.
اعتبر قاسم أن إجراء ترامب لم يكن إلا “لتخليد اسمه في التاريخ ولو بحريق يلتهم المنطقة”.
وحيث جاء في القانون الأمريكي مبدأ يقضي بـ “عدم جواز اكتساب أرض الغير بالقوة”، يعتبر قاسم أن هذا القرار انتهاك للقانون الأمريكي أيضاً الذي صيغ عام 1928 إبان غزو اليابان للصين.
جاء في قرار ترامب أن “لإسرائيل الحق في أن تقرر أين تكون عاصمتها”، ما اعتبره قاسم إقراراً باطلاً “بطلاناً مطلقاً، لأنه ضد أعراف وقوانين المجتمع الدولي”.
وعن المخارج القانونية لإمكانية مقاضاة ترامب، في المحاكم الدولية، أضاف قاسم أن إقرار الرئيس الأمريكي أن القدس عاصمة للشعب اليهودي فيه مخالفة للدستور الأمريكي.
وعلى الصعيد الرسمي والجهود الأردنية الرسمية تجاه هذا القرار عرض مدير متابعة شؤون القدس والمسجد الأقصى في وزارة الأوقاف الأردنية المهندس عبد الله العبادي الجهود الرسمية الأردنية متمثلة باجتماع الملك عبد الله الثاني مع المؤسسات الأمريكية المعنية في الولايات المتحدة الأمريكية.
استمر الحراك الشعبي الأردني الرافض للقرار منذ اليوم الأول لإعلانه. فجابت المسيرات والاعتصامات الغاضبة شوارع العاصمة الأردنية والمحافظات، من كل الأحزاب والتوجهات. وفي هذا الصدد أشاد العبادي بتماهي الموقفين الرسمي والشعبي قائلاً “لأول مرة نرى هذا التوافق الرسمي مع الحراك الشعبي والأحزاب”. وأضاف “لابد من الاستمرار على هذا النهج والتصعيد خاصة الإعلامي، وفي التربية والتعليم، كما ينبغي إيجاد استراتيجية لمواجهة وإعداد الأجيال دينياً وتربوياً وعقدياً لأن صراعنا صراع عقدي”.
وحيث لم يغب المكون الفلسطيني المسيحي عن ساحة المقاومة والوجود السياسي الفلسطيني بدأ العضو في الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات الأب مانويل مسلّم حديثه في الندوة عن أهمية القومية العربية للقدس في الدفاع عنها وتحريرها بقوله “قوميتي تسبق ديني، وأنا عربي أحمل كل معاني وعظمة الشعب العربي”.
وعن خيارات رفض قرار ترامب وتبعاته، ارتفعت نبرة مسلّم معلناً عدم ثقته في الرئيس الأمريكي وبكل العالم وأن الثقة بالشعوب فقط، وأن خيار المقاومة هو الخيار الوحيد الذي يعيد الأمور إلى نصابها “نحن لا نثق إلا بأنفسنا وببندقيتنا وبمقاومتنا، ونرجو أن يدفع العرب لفلسطين جزية السلاح”.
تكرر خلال الندوة خيار المقاومة والأمل بالحراك الشعبي سواء أكان من الضيوف المتحدثين أو من الجمهور. ففي الكلمة التي ألقاها النائب في البرلمان الأردني الدكتور عبد الله العكايلة، والتي بدا فيها شاكراً لترامب “الذي أحيا موات الأمة”، أكد أن فلسطين لن تعود إلا إذا “وُجهت بوصلة الأمة من جديد باتجاه الخيار العسكري وخيار دعم المقاومة”، ضارباً مثال الحروب على غزة وكيف صمدت بفعل “الإرادة” وقهرت جيش الاحتلال بكل ما يمتلك من قوة السلاح والعتاد.
شهد العالم في اليوم التالي لقرار ترامب احتفاء دولة الاحتلال بقرار ترامب. حيث أضيئت أسوار المسجد الأقصى والبلدة القديمة في القدس بعلمي أمريكا والكيان الصهيوني.
وبحسب سكان البلدة والمراقبين المقدسيين فقد احتدت وتيرة الاعتداءات على المقدسات والمسجد الأقصى. يقول مدير المسجد الأقصى المبارك الشيخ عمر الكسواني في كلمته “ارتفع عدد مقتحمي المسجد الأقصى منذ إعلان ترامب بشكل واضح، وزادت جرأة اليهود بأداء صلواتهم التلمودية داخل المسجد الأقصى وفي أماكن لم يكن يصلها اليهود من قبل”.
وعن المشاريع الصهيونية الخطيرة التي برزت على السطح في الآونة الأخيرة بشكل أكبر، نبه الكسواني إلى مشروع الحديقة التلمودية “الدينية” التي يخطط الاحتلال لإقامتها على أنقاض مقبرة باب الرحمة. حيث منعت سلطات الاحتلال المسلمين من الوصول إليها ودفن موتاهم فيها. تمهيداً لاحتلالها بشكل كامل.
كما عرض خلال كلمته صورة تبين علم دولة الاحتلال ممدوداً على مساحة واسعة من سور الأقصى من جهة القصور الأموية، في حركة استفزازية لمشاعر العرب والمسلمين وسكان القدس.