
يوم العمّال وحقوق العاملين في التعليم
نورس عدنان قطيش
“ولدي الصغير: عندما تكبر وتصبح شاباً وتحقق أمنية عمري ستعرف لماذا أموت؟! ليس عندي ما أقوله لك أكثر من أنني برئ، وأموت من أجل قضية شريفة، ولهذا لا أخاف الموت، وعندما تكبر ستفخر بأبيك وتحكي قصته لأصدقائك”.
هذه الرسالة كانت تقرأها زوجة أحد العمّال والمحكوم عليهم بالإعدام والتي تركها لابنه وقت تنفيذ الجلاد الحكم عليه وآخرين، إثر قيامهم بمطالبات لتحسين واقع العمل في الولايات المتحدة الأمريكية ومن أبرزها تحديد أوقات العمل بثماني ساعات، وثماني نوم، وثماني راحة.
منها كانت انطلاقة يوم العمّال والإعتراف بحقوقهم الأساسيّة من أجل عيش كريم ليكون الأول من أيار يوم للعمّال.
يوم العمّال أضحى عطلة مشروعة للجميع، ينعم فيها أصحاب الدخل العالي ويشقى فيها البروليتاريين الذين في يومهم يكدحون!
في الأردن تتعدد مشاكل العمل، يرزح الكثير ما بين بطالة متخمة وأجور متدنية وحقوق عماليّة مهضومة.
نظراً لأهميّة التعليم ومدى تأثيره على نهضة الأمم، سأنتهز الفرصة هنا لأتحدث عن واقع العمل التعليمي في يوم العمال، والتي تواجه مشاكل جمّة تتطلب حلولاً عاجلة لما لها من تأثير أساسي بإصلاح التعليم وتطويره، وذلك إثراءً للورقة النقاشية السابعة لجلالة الملك عبدالله الثاني، والتي تناولت تطوير العملية التربوية ونهضة الأمة بها.
أبرز مشاكل العمل في التعليم هي العقود الوهميّة للمعلمين في القطاع الخاص، حيث يشير الواقع إلى أن نسبة لا بأس بها تقع ضحية العقود الشكليّة للمدارس الخاصة، والتي يتراوح الراتب الشهري الفعليّ من ٩٠ ولغاية ١٥٠ دينار في ظلّ صمت دام طويلاً من الجهات المسؤولة، إلا مؤخراً فقد تمّ اتخاذ خطوة جيّدة من وزارة العمل بتوقيع مذكرة تفاهم بين الوزارة ونقابتي أصحاب المدارس الخاصة والعاملين في التعليم الخاص، لكن ما زالت الخطوة بحاجة لمتابعة حثيثة لتطبيقها بشكل شمولي وخاصة في مناطق الأطراف التي يجزّ فيها العامل تحت مقصلة ربّ العمل، ومن ذلك تفعيل الرقابة الدقيقة من الفرق التفتيشية لوزارة العمل والضمان الإجتماعي للتأكد من اشتراك جميع العاملين.
لا نغفل أيضاً عن الإشارة بضرورة تفقد العقود المنقوصة زمناً بأقلّ من سنة للعاملين مخالفة للعقود الموحدة في التعليم الخاص وانتهاكاً صارخاً لحقوقهم، كذلك تتخذ بعض إدارات المدارس عقوبات تعسفيّة بحقّ العاملين بالخصم من رواتبهم إزاء تأخرهم أو التواني عن العمل، وأيضاً تأخير رواتبهم لأشهر، كلّ هذا يخالف قوانين العمل.
يعاني العاملين أيضاً في القطاع الحكوميّ تدنّي ملحوظ في رواتبهم، ما جعلها بيئة منفّرة وأثّر سلباً على واقع التعليم في البلاد.
ومن باب الذكر؛ يتقاضى المعلّم بدايةً ٣٧٠ دينار وبزيادات سنويّة ضئيلة ليتقاضى المعلّم في أواخر خدمته (الدرجة الخاصة) ٧٤٠ دينار في أحسن الأحوال، مع أنّه قلّة من يبلغونها.
جملة المشكلات في العمل التعليمي أدّت لتدهور المكانة الإجتماعية لمكانة المعلم وأفقدته الهيبة -كما ذكرت في المقال السابق-، مما جعل من مهنة الأنبياء بيئة طاردة للعمل، عدا عن اضرار الكثير للبحث عن دخل آخر وإن كانت الحقوق فيها منقوصة من أجل كفاية الإلتزامات المعيشية.
نأمل من جميع المعنيين الإلتفات لذلك، وتشارك المسؤولية وتقديم توصيات واقعية وناجعة لأصحاب القرار، وحلّ المشاكل الأساسية التي تمسّ بشريحة صنّاع الإنسان وبناة الأوطان،
وكلّ يوم والسواعد البنّاءة بخير وسلام لما فيه رقيّ وإزدهار.