العولمة وكشف المستور / د. كمال الزغول

العولمة وكشف المستور
لم يكن العالم ذا شبكة عنكبوتية عندما وُزعت اراضي الكون على ورثة غير شرعيين أتوا من رحم الاستعمار بطرق محسوبة فنية لصالح الشيطان، وليست لصالح الإنسان، وبقي الإنسان مُنخدع بما أتاه حتى أعلنت العولمة نوع من كشف المستور، ففي الماضي كانت الوسوسة من خلف حجاب ،والشرور تجري في قاعات مغلقة ،والنوايا لا تنكشف الا بحرب او ثورة هنا وهناك يقودها واع او مفكر.
كان هناك دوران للعولمة احدهما سلبي والآخر ايجابي، السلبي هو إثارة الفتن ،والايجابي هو كشف صاحب هذه الفتن داخل المجتمعات بسهولة وبسرعة فائقة، فمن الناحية السلبية ،تختلط السياسة بالاهواء والعواطف بسرعة فتصنع جيشا جارفا من المتبرعين الثائرين الجهلة دون معرفة ما وراء الأكمه، وما يتبع الدور السلبي ايضا هو التخلي عن القيم والمباديء ومزج الحلال بالحرام والممنوع بالمشروع، حتى أن الفتاوي تتوه في مربع واحد يسمى ” العولمة”، التي تصوغها الشبكة العنكبوتية ووسائل التواصل الإجتماعي.
في الماضي، كانت المؤامرات تظهر بعد الحرب، أما اليوم فهي تظهر بمجرد تويتر يعبر عن نية الظالم والمتطرف ضد الأخلاق والمباديء صاحب الديمقراطية سابقا قبل وجود الانترنت وشبكة المعلومات، فقبل وجود الانترنت كان المحتل يظهر لوحده بلا مساند ،وخلف الكواليس يركنُ الف محتل يساعده،اليوم وفي ظل الشبكة العنكبوتية، تتعانق الشياطين مع الظالم في التويتر وفي الاعلام وفي الفيس بوك وفي حتى الانستغرام وفي كل الشبكات بلا خجل وتصلي في معبد كوني يظهر للقاصي والداني بأن العالم الديمقراطي يحتضر .
إن امتداد التكنولوجيا على الارض كشف عنصرية اليمين المتطرف ومؤامراته الكونية، ومما بدا للعيان أن نظرية المؤامرة هي ضعف من ينادي بها ،بحجة عدم وجود نظام ديمقراطي يخدم المنادين، فالعولمة وبما فيها من شبكات ساهمت في سلبية المباديء والأخلاق من جهة ،وفي ايجابية كشف المستور السياسي من جهة أخرى، فمن الملاحظ أن التكنولوجيا عرّت المتقدمين من الامم قبل متأخريها، فالذين انقلبوا على ايجابية العولمة وعلى سلامها هم الذين نادوا بديمقراطية الامم في السابق ،وكادوا له بطريقة خفية، وهم اليوم ينادون باستبدادية الكلمة الدائرة على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث ايدوا صعود اليمين المتطرف الذي لاقى رواجا شرقا وغربا، كان اساسه المال الأسود وصفقات السلاح .
ما اردت قوله أن ايجابيات العولمة وشبكاتها المعلوماتية واتصالاتها الفورية أكثر من سلبياتها من ناحية كشف الحقائق وتعرية الضمائر،ففي الماضي وقبل تأثير شبكة الانترنت على سبيل المثال ،كانت تُصاغ المؤامرات ولا نعرف من دبر الثورات المضادة لها،وكانت تعقد الصفقات ونؤمن بمدبريها على أنهم حمائم وعلى العكس نُنشيء لهم سور قومي يحميهم من وعي الشعوب، اليوم ومن خلال الشبكة العنكبوتية تم كشف شلة التطرف السياسي وهؤلاء لايستطيعون اخفاء شياطينهم خلف اي حجاب.
إن صعود التطرف ليتربع على المقاعد السياسية الدولية منها القطبية ومنها المدمجة في أقراص تحالفات صغيرة وكبيرة، جعل منها مخاض لظهور الحق على الأقل في عين كل مستخدم لشبكات التواصل الاجتماعي، حيث اهتزت الثقة الجماعية بما يسمى “قيادات الكون الديمقراطية” وبدا هناك مخاض عسير على المستوى الضيق من التحالفات المخدوعة دوليا، فالتحالفات بسبب كشف المستور العالمي، بدأت بالتفكك بشكل بطيء تدريجي، والكيانات التابعة لها بدأت تفكر بتغيير الحليف،وحتى على مستوى الفرد أصبحت الهجرة من الاتحادات والكيانات الصغيرة الى خارجها امر مطروح ومفضل عندما تحين الفرصة لذلك، حقيقة هناك تحول درامي في الاتحادات والتحالفات الكونية سببه سيكون كشف المستور من خلال أدوات العولمة المتشابكة التي استهان بها الظالم والمستبد وما زال لا يعي مدى انتصارها عليه في المستقبل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى