طلُّ الخزامى / منصور ضيف الله

طلُّ الخزامى
أنثى ……كانت حسناء ، فارعة القوام ، لطيفة القد ، تعتلي وجنتيها مسحة من حزن قديم ، وتعتلق أهدابها دمعة صامتة ، وبينهما ثمة رغبة عميقة في الانعتاق . فجأة ينهمر سيل مدرار من عتاب حاد ، واتهام بتقصير مدبر ، والزوجة حائرة ، موزعة بين عيون المتطفلين ، والحرص الغريزي على طفلتين رائعتين . يحمر الوجه ، تتقاذفه أمواج من فوضى ألوان ، يزداد الزوج عنادا ، وذكورة . تزداد الزوجة امعانا في الحزن ، وفي الصمت .ترفع راحة يدها تمسح أنهارا من طل خزامى ، تمسك طفلتيها ، تتجه صوب الرصيف ، ويندلق جسد منهك داخل السيارة العمومي ، تاركا خلفه الاف الأسئلة الحيرى .
انسجام ….. في الصباح الباكر تنطلق “باصات الحي ” نحو محطة لن تصلها أبدا . تلتقط الركاب كما يلتقط دوري حبات القمح ، على الأرجح طالبات يتلفعن توبا زاهيا من شباب ، موظفات تركن مخادعهن على عجلة من امرهن ، تختلط المشاعر ، تتداخل الأشكال ، والألوان ، الثابت هنا فقط ، أنوثة تصهل ، وعطور تمد أكمامها نحو السماء . السائق يدخن بشراهة , يفتح المذياع ، ويديره صوب عبد الحليم حافظ ، ينطلق الصوت : فوق الشوك مشاني زماني ، تغلف الفضاء حالة انسجام ، وود ، ومرة أخرى يصدح عبد الحليم : كامل الأوصاف فتني ، ثمة ألق ذهبي يغمر المكان ، وسيولة بالعواطف ، وتوحد بالمشاعر ، وقهر الخوف . ثمة ملائك تسبح .
يقترب الجميع من نقطة الوصول ، ينتهي المشوار ، يتبدد الجمع كما زنابق الحقل ، يغوصون في زحام الأيام ، في انتظار صباح آخر .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى