حتى الفقر كان أجمل / كامل نصيرات

حتى الفقر كان أجمل

تعلّق صديقتي القاصة علا السردي على مقالتي الأخيرة بجملة سحرتني : حتى الفقر كان أجمل ..! نعم والله كان أجمل ..كان حرماناً ولكن كنّا نخترع ألف بديل وبديل للحرمان ..كنّا لا نجد أحياناً ما يُشبعنا من الأكل ولكننا كنّا نشبع و نشعر بالنشوة بعد الاجهاز على رواية بحجم (الجريمة و العقاب) ..! كان مصروفي قرشاً واحداً و تطور إلى (شلن) ..وأحياناً بلا مصروف ..ولكنني كنتُ أحلم أحلاماً تمتدّ إلى العالم كلّه وليس مثل الآن جلّ الأحلام محصورةً في فاتورة وكيف ستدفعها و لهاث كيف ستوقفه ..؟.
كان الفقر أجمل ..كنّا نضحك من القلب ؛ أمّاً و أباً و أخوة و أخوات و أبناء عمومة و أصدقاء.. و حتى الغرباء حينما كانوا يعبرون إلينا و قد تقطعت بهم السبل ؛كانوا أكثر دفئاً و أكثر بشاشة ونرتاح لهم بعد كلمتين ..أمّا الآن ؛ فقلّة قليلة التي تؤوي ابن سبيل و غالباً ما يكون قلقاً و يقلقنا طوال الليل معه ؛ وغير مريح و لا نرتاح بوجوده..!
كان الفقر يلعب معنا ..لم يكن فقراً مؤذياً ..لم يكن لئيماً ..لم يطعنّا من الخلف ..كان يقف بوجهنا و يفسح لنا الطريق كثيراً من المرّات ..أمّا اليوم فالفقر (تعولم) و دخل الكليّات و الجامعات و أخذ مليون دكتوراة في رسالة واحدة : كيف تشلّ أمَل البني آدم ..!!
كنا حين نمرض تجتمع القرية عند رأسك و يطردون المرض منك ..كنّا حين نضحك يضحك الجميع معك و حين تبكي يبكون قبلك وهم يحاولون منع دموعك من النزول ..كانوا يحضنون روحك..!
كانوا و كنتُ و كنّا ..أمّا الآن فقد تسيّد المكياج حتى طقوس الموت ..و الحقيقي لا مكان له ..!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى