العرب بين رذائل أوسلو وفضائل المقاومة

العرب بين رذائل أوسلو وفضائل المقاومة
د. فايز أبو شمالة

أريد زيارة إسرائيل والسكن في تل أبيب، وشخص آخر يقول: ما أحسن اليهود، وشخص عربي ثالث يقول: الفلسطينيون باعوا أرضهم، ورابع يقول: لم نرَ من اليهود إلا كل مساعدة وعمل إنساني، وشخص خامس يقول: إسرائيل دولة متقدمة وحضارية وتستحق الانتصار، وسادس يقول: انفقنا مالنا على الفلسطينيين وفي النهاية أكلوا خيرنا وشكروا غيرنا، وهكذا من أقاويل وأكاذيب تصفق لها إسرائيل، وترددها وسائل إعلامهم، وتتفاخر بها أجهزتهم الأمنية؛ لترتد مزيداً من البطش والقتل وعذاب السجون على الشعب الفلسطيني.

إن ما سبق من هرجٍ منفلت ما كان ليجد له الأرض الخصبة لينمو ويتكاثر لولا التنسيق الأمني الذي جلبته اتفاقية أوسلو، ، وإن ما سبق من وعي مشبوه مشوه ما كان ليرد على الخيال العربي لولا الاتفاقيات التي وقعتها بعض الدول العربية مع إسرائيل، لقد فتحت اتفاقيات العار ومن ضمنها اتفاقية أوسلو على الأمة العربية كل أبواب الشر، ونفثت في سماء فلسطين تلك الأنفاس الملوثة بسلام فاسد، أفسد الماضي، ولوث بالضغينة الحاضر، لينعكس ذلك احتقاراً واستخفافاً من بعض الساقطين أو المغفلين على القيم العربية، فاتخذوا من لقاءات المسؤولين الفلسطينيين مع الضباط الإسرائيليين محفزاً للقائهم الروحي مع الصهاينة، ومشجعاً لخطوات التطبيع.

الفلسطينيون هم المسؤولون عن حملة التشوية التي تتعرض لها قضية العرب، والفلسطينيون هم القادرون على إعادة روح الوفاء والولاء للقضية الفلسطينية، وذلك من خلال صناعة وعي عربي متكامل واثق من مستقبله، يتفاخر بحاضره، ولا يتحقق ذلك إلا بالعودة إلى الزمن الجميل، زمن الفعل المشرف، زمن الانتفاضة والمواجهات، زمن الوجع الذي يحز بالسكين على عنق الاحتلال، زمن الجرح الراعف بالحنين، والصرخة المدوية رغم الأنين، زمن اللقاء في الميدان على قلب رجل واحد، لا يرى إلا عدواً واحداً، زمن فلسطين الذي ينبذ الفساد، وينبض بالوداد، ويحتقر كل من توسوس له نفسه بلقاء ضابط المخابرات الإسرائيلي أو رئيس جهاز الشاباك أو ضباط الإدارة المدنية.

مقالات ذات صلة

إذا عاد الزمن الفلسطيني الجميل، واشرأبت الرؤوس بالوفاء، وداس الشرفاء بأحذية الوطنية على أصغر لقاء مع الأعداء، وقتها لن تجد عربياً واحداً يقول إسرائيل حبيبتنا، وسكنت في قلوبنا رحمة، وإسرائيل وجدت لتعيش، فالمزاج العربي الذي يحاول البعض اختراقه بالتطبيع مع الصهاينة، هو المزاج العربي الذي تحرسه المعارك، وتحصنه المواقف السياسية الفلسطينية، والمواقف البطولية وحدها هي القادرة على صياغة البيان العربي الموحد المعادي للاحتلال، والرافض لمد يد المصالحة والمهادنة مع عدو الأمة العربية والإسلامية.

ملحوظة: الفلسطينيون من خلال الاشتباك اليومي مع العدو الإسرائيلي ليسوا قادرين على إعادة صياغة مستقبل قضيتهم فقط، بل هم قادرون على ترتيب المنطقة كلها وفق مصلحة الشعوب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى