العبر والدروس المستفادة من #الزلازل و #البراكين
الحمدُ لله العظيمِ في قَدْرِه، العزيزِ في قهْرِه، العالمِ بحالِ العَبْدِ في سِرِّه وجَهْرِه، الجائِدِ على المُجَاهدِ بِنَصْرِه، وعلى المتَواضِعِ من أجْلِهِ بِرَفْعِه، يسمعُ صَريفَ القلمِ عند خطِّ سَطْرِه، ويرى النَّملَ يدبُّ في فيافي قَفْرِه، ومِن آياتِه أنْ تقوم السَماءُ والأرضُ بأَمْرِه، أحْمَدُهُ على القَضَاءِ حُلْوِه ومُرِّه، وأشهدُ أنْ لا إِلهَ إِلاَّ الله وحدَه لا شريكَ له إقامةً لِذْكْرِهِ، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه المبعوثُ بالبِرِّ إلى الخلْقِ في بّره وبَحْرِه، صلَّى الله عليه وعلى صاحِبِه أبي بكرٍ السابقِ بما وَقَرَ من الإِيمانِ في صَدْرِه، وعلى عُمَر مُعزِّ الإِسلامِ بَحَزْمِه وقهرهِ، وعلى عثمانَ ذِي النُّورَينِ الصابِر من أمره على مُرِّه، وعلى عليٍّ ابن عمِّه وصِهْرِه، وعلى آلِهِ وأصحابه والتابعينَ لهم بإِحسانٍ ما جاد السحابُ بقطْرِه، وسلَّم تسليماً كثيرا.
نعيش جميعا هذه الأيام صدمة الزلزال المدمّر القوي الذي أصاب تركيا وسوريا، وتسبب في وفاة الآلاف وإصابة الآلاف، وهدم مئات المباني والمنشآت، وبلغ من قوته أن شعر به سكان المناطق التي تقع قريبًا من مركز الزلزال، بل وصل أثره إلى الدول المجاورة وحتى غير المجاورة لتركيا وسوريا.
شعر الناس باهتزاز الأرض من تحتهم، وأُخْلِيَتْ المباني والأبراج وهرع الناس إلى الشوارع.
إن هذه الفاجعة يجب أنْ لا تمر علينا مرور الكرام، وينبغي أن نتوقف عندها، لنستخلص الدروس والعبر.
ولنا معها (8) دروس مستفادة أو (8) وقفات:
الوقفة الأولى: لقد جعل الله -تبارك وتعالى- الأرض قرارًا ومستقرًا، وأنشأ فيها جبالاً أوتادًا، تثبتها أن تميد وتزول وتضطرب، لكن؛ حين يأذن الله -تعالى- للأرض أن تضطرب فلا رادّ لأمره وحكمه، عندها تصبح هذه الأرض التي كانت ملجأً من الأخطار هي الخطر بذاته، ويصبح بقاء الإنسان في مسكنه الذي يتقي به الأذى، سببًا من أسباب حدوث الضرر والأذى.
إن الأرض في أصلها مستقرة، وقد اعتاد عليها الإنسان كذلك، وهذا الاستقرار نعمة عظيمة من الله يغفل عنها كثير من الناس، ولا يدركونها؛ لاعتيادهم عليها وعدم استشعارهم عظيم هذه النعمة.
ولذلك؛ امتن الله كثيرًا في كتابه على عباده بهذه النعمة: (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا * وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا) [النبأ:6-7]، (أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) [النمل:61]، (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ * هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [غافر:64-65).
قال ابن القيم -رحمه الله-: “وتأمل خلق الأرض على ما هي عليه حين خلقها واقفة ساكنة؛ لتكون مهادًا ومستقرًا للحيوان والنبات والأمتعة، ويتمكن الحيوان والناس من السعي عليها في مآربهم، ولو كانت رجراجة متكفئة لم يستطيعوا على ظهرها قراراً، ولا ثبت لهم عليها بناء، ولا أمكنهم عليها صناعة ولا تجارة ولا حراثة ولا مصلحة، وكيف كانوا يهنأون بالعيش والأرض ترتج من تحتهم؟ واعتبِر ذلك بما يصيبهم من الزلازل -على قلة مكثها- كيف تصيِّرهم إلى ترك منازلهم والهرب عنها!”.
الوقفة الثانية: إن هذه الهزة الأرضية تذكرنا بالزلزلة العظيمة الكبرى، يقول ربنا -تبارك وتعالى- في مطلع سورة الحج: (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) [الحج:1-2).
مطلع عنيف مرعب، ومشهد ترتجف لهوله القلوب، يبدأ بالنداء الشامل للناس جميعا مسلمهم وكافرهم: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ)، يدعوهم إلى الخوف من الله: (اتَّقُوا رَبَّكُمْ)، ويخوفهم ذلك اليوم العصيب: (إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ)، هكذا بدأ بالتهويل قبل التفصيل.
ثم يأخذ في التفصيل، فإذا هو أشد رهبة من التهويل، وإذا هو مشهد حافل! هناك مرضعة ذاهلة عما أرضعت تنظر ولا ترى، وتتحرك ولا تعي! وهنا حامل تُسقط حملها للهول المروع ينتابُها! والناس سكارى وما هم بسكارى، يتبدى السُكْرُ في نظراتهم الذاهلة، وفي خطواتهم المترنحة! مشهد مزدحم بذلك الحشد المتماوج، تكاد العين تبصره لحظة التلاوة، بينما العقل يتخيله.
يوم القيامة تزلزل الأرض كلها، من أقصاها إلى أقصاها، ويستنكر الإنسان هذا الأمر ويفزع. (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا) [الزلزلة:1-3]. يقول: ما لها؟ ما الذي حدث بها، وقد عهدتها مستقرة؟ …
(إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا * وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا * فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا) [الواقعة:4-6]، في ذلك اليوم؛ ما حالي؟ فالناس ثلاثة أصناف: (وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً * فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ * وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) [الواقعة:7-12]. فلمثل هذا اليوم فأعدوا.
الوقفة الثالثة: في الأزمان المتأخرة كثرت الزلازل والهزات الأرضية، بدرجات قوتها المختلفة، وهذه علامة من علامات الساعة، روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: “لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ، وَتَكْثُرَ الزَّلَازِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ، وَهُوَ الْقَتْلُ الْقَتْلُ، حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمْ الْمَالُ فَيَفِيضَ” رواه البخاري.
وأغلب ما في الحديث واقع مشاهد، يقول ابن حجر العسقلاني -رحمه الله-: “وقَدْ وَقَعَ فِي كَثِير مِنْ الْبِلَاد الشّمَالِيَّة وَالشَّرْقِيَّة وَالْغَرْبِيَّة كَثِير مِنْ الزَّلَازِل، وَلَكِنَّ الَّذِي يَظْهَر أَنَّ الْمُرَاد بِكَثْرَتِهَا شُمُولها وَدَوَامها”
وثبت في السنة الصحيحة أن الخسف والمسخ وكثرة الزلازل من علامات الساعة الصغرى، وأيد ذلك ما أثبته العلم الحديث “من أنه يقع في الأرض مليون زلزال كل عام” كما في دراسة نشرتها إحدى المجلات السعودية
الوقفة الرابعة: لا شك أن للزلازل والاهتزازات أسبابًا دنيوية مادية، لا ينكرها منكر، وقد أقر بهذه الأسباب علماء الشرع منذ القدم.
قال العلماء: الزلازل من الآيات التي يخوف الله بها عباده كما يخوفهم بالكسوف وغيره من الآيات والحوادث، لها أسباب وحكم، فكونها آية يخوف الله بها عباده هي من حكمه في ذلك.
وقال ابن القيم -رحمه الله-: “ولما كانت الرياح تجول فيها (أي في الأرض) وتدخل في تجاويفها، وتُحدث فيها الأبخرة، وتخفق الرياح، ويتعذر عليها الـمَنفذ، أذن الله -سبحانه- لها في بعض الأحيان بالتنفس، فتحدث فيها الزلازل العظام، فيحدث من ذلك لعباده الخوف والخشية والإنابة والإقلاع عن معاصيه والتضرع إليه والندم”.
إذا عرفنا ذلك؛ علمنا أن للزلازل أسبابًا دنيوية، لكن؛ لها في المقابل أسباب شرعية، فمن الذي أذن لهذه الأرض أن تهتز وتضطرب في هذا الوقت بالتحديد بعد أن كانت هامدة مدة طويلة؟ ومن هو القادر على أن يوقف هذا الزلزال؟ ومن الذي يحدد قوة الزلزال وتأثيره في الأرواح والممتلكات؟ إنه الله جل جلاله.
مهما توقع علماء الأرض وخططوا ودرسوا فإن أجل الله إذا جاء لا يؤخر، ومهما محصوا فإن الله يأتي بالزلزال بغتة دون أن يشعروا، ولو تنبؤوا وعلموا بوقته وموضعه ما استطاعوا دفعه وإيقافه، فتبارك الله رب العالمين.
الوقفة الخامسة: إذا علمنا أن للزلازل أسبابًا فإن لها حكمًا، ومن أبرز حكمها: التخويف؛ (وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا) [الإسراء:59)
إن الإنسان إذا رأى اضطراب الأرض واهتزازها من تحته حتى لا يستطيع معها قرارًا ولا ثباتًا، يصيبه الخوف والهلع، خصوصًا إذا علم أن بعض الأقوام كان هلاكهم وعذابهم بالرجفة والزلزلة، كما قال -تعالى- عن قوم شعيب -عليه السلام-: (فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ) [العنكبوت:37]، وقال عن ثمود قومِ صالح -عليه السلام-: (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ) [الأعراف:78).
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-:” لما كان هبوب الريح الشديدة يوجب التخويف، المفضي إلى الخشوع والإنابة، كانت الزلزلة ونحوها من الآيات أولى بذلك”.
الوقفة السادسة: إذا وقعت الهزات والزلازل؛ فما الذي ينبغي أن يفعله المسلم؟ هناك من يفزع إلى القنوات الفضائية، يتابع أخبار الزلزال: كم عدد الضحايا؟ إلى أي مدى بلغ؟ وآخرون يتجهون لبث الأخبار والأراجيف مما يضر ولا ينفع. لكن المسلم الحصيف ينبغي عليه أن يلتزم هدي الإسلام في مثل هذه المواقف، فيلجأَ إلى الله -تعالى-، ويكثرَ من الأعمال الصالحة، وخاصة الصدقة؛ فالزلازل والكوارث تنبيه من الله -عز وجل- لعباده، وتجب التوبة إلى الله، والإكثار من الذكر والاستغفار والدعاء وقراءة القران؛ فإن الله -تعالى- يقول: (فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا [الأنعام:43).
وكذلك فإن الاستغفار له أثر كبير في منع وقوع العذاب، وقد قال -تعالى-: (وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (الأنفال:33)
ووقعت رجفة في عهد عمر بن عبد العزيز فكتب إلى أهل البلدان: “إن هذه الرجفة شيء يعاتب الله به عباده، فمن استطاع أن يتصدق فليفعل؛ فإن الله يقول: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى) [الأعلى:14)
علينا الدعاء بما يفتح الله علينا مما فيه طلب الرحمة، والغوث من الله -عز وجل-، ليصرف عنا وعن الناس البلاء.
قال العلماء: الواجب عند الزلازل وغيرها من الآيات والكسوف والرياح الشديدة والفيضانات؛ البِدار بالتوبة إلى الله سبحانه، والضراعة إليه، وسؤاله العافية، والإكثار من ذكره واستغفاره، كما قال -صلى الله عليه وسلم- عند الكسوف: “فإذا رأيتم ذلك، فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره”.
الوقفة السابعة: لقد قّدّمت أكثر من (70) دولة من دول العالم المساعدات إلى المناطق المنكوبة وبدأت فرق الإنقاذ بالوصول والطائرات تهبط محمّلة بالمساعدات والتجهيزات والأغذية وهذا دليل ساطع أنّ البشرية تستطيع أن تكون أسرة واحدة متعاونة متحابّة وقادرة على التعاون على البرّ والتقوى وأن تنبذ كل إثم وعدوان … وهذا دليل واضح وضوح الشمس في كبد السماء الصافية على أنّ حقيقةَ كوْن الناس مُختلفين في سجاياهم وثقافاتهم وعاداتهم وتقاليدهم ولغاتهم وألوانهم وأعراقهم وأجناسهم، ليس سبباً للتنازع والتناحر والتدابر فيما بينهم بل على العكس يجب أن يكون الاختلاف سببا للتعارف والتآلف والتعاون المتبادل بينهم عملا بقوله تعالى: (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا * إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ * إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) ركّزوا مليّا وتدبروا قوله تعالى وهو أرحم الراحمين وأعلم العالمين: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ ” فالخطاب من الله إلى كل الناس في كل الكون وحتى يرث الله الأرض ومن عليها …وتأملوا قوله تعالى (( لِتَعَارَفُوا)) ولم يقل سبحانه: لِتَقاتَلوا – أو ليكره أو يظلم أو يقتل أو يسلب أو يحتلّ أو يدمّر بعضكم بعضا بل جعلنا الله سبحانه وهو أحكم الحاكمين وأكرم الأكرمين شعوباً وقبائل لنتعارف ونتآلف ونتعاون على كل خيـــــــــــر. فمتى تدرك البشرية هذه الحقيقة ومتى يتوقف الظالم عن ظلمه والمعتدي عن عدوانه والمحتل عن احتلاله والمفسد عن فساده؟! ومتى ندرك أنّ مقياس الكرامة عند الله جلّ وعلا هو التقوى وليس الأجناس والأعراق … قال الحبيب المحبوب المصطفى صلى الله عليه وسلّم في الحديث الصحيح: (لا فضلَ لعربيٍّ على عجميٍّ، ولا لعجميٍّ على عربيٍّ، ولا لأبيضَ على أسودَ، ولا لأسودَ على أبيضَ إلَّا بالتَّقوَى، النَّاسُ من آدمُ ، وآدمُ من ترابٍ ) وقال صلوات الله وسلامه عليه في خطبته في حجّة الوداع: (( يا أيُّها الناسُ إنَّ ربَّكمْ واحِدٌ ألا لا فضلَ لِعربِيٍّ على عجَمِيٍّ ولا لِعجَمِيٍّ على عربيٍّ ولا لأحمرَ على أسْودَ ولا لأسودَ على أحمرَ إلَّا بالتَّقوَى إنَّ أكرَمكمْ عند اللهِ أتْقاكُمْ )).
الوقفة الثامنة: أظهر الدمار الكبير الذي سيتأثر بسببه أكثر من 25 مليون من البشر أنّ هناك غشاً وعدم التزام بمواصفات ومقاييس الأبنية التي انهارت وكأنها مصنوعة من زجاج هش … فأين نحن من إتقان العمل؟ أين الوازع الداخلي والضمائر الحية لقد أخبرنا الحبيب صلى الله عليه وسلّم: (إِنّ اللَّهَ تَعَالى يُحِبّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ). وهذا الحديث مُوَجّه من خير البشر محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم إلى جميع أمته – إلى الذكور والإناث والصغار والكبار والحكام والمحكومين، كما أنه موجّه لجميع أصحاب المهن والصناعات، خاصة من يعملُ في الخدمات العامّة والمشاريع التي تنفع الأمة وتساهم في رفع اقتصادها وتميزها. فالرسول صلى الله عليه وسلم من خلال هذا الحديث الشريف يوجه الكلام للوزير والأمير والمدير والمدرس والطبيب والتاجر وجميع أصحاب المهن والوظائف والمناصب مهما كانت صغيرة أم كبيرة ويحثهم على إتقان أعمالهم والتحلّي بالمصداقية والصدق والأمانة وباستخدام أسلوب التحفيز من خلال ربط الإتقان بالإيمان والثواب من عند الله سبحانه وتعالى والفوز بمحبته. أنا واثق أنّ كل واحد منا يستطيع أن يُتقن عمله وأن يكون لديه الدافع الذاتي للفوز بمحبة الله سبحانه. ولعلّ من الدروس المستفادة أيضاً الأخذ بأسباب السلامة وإدخال سبل وتدابير وتعليمات الوقاية من الزلازل قبل وعند ويعد وقوعها في المناهج الدراسية وتدريب الناس على ذلك ووضع الخطط للتعامل مع تداعياتها والتعافي من آثارها.
اللهم اغفر لنا ما سلف وكان من الذنوب والعصيان..
اللهم إن عبادك قد أعيتهم الحيل.. وضاقت بهم دونك السبل.. وأظهروا عجزهم.. وبان ضعفهم..
وانكشف لهم من أقدارك ما لا حول لهم به ولا قوة.. فاللهم لطفك بعبادك في مشارق الأرض ومغاربها. اللهم تقبّل من ماتوا شهداء والطف بنا وأنزل علينا رحمات من عندك وشفاء للجرحى والمصابين ونجاة للعالقين تحت الأنقاض.
اللهم احفظ البلاد والعباد
اللهم إنا استودعناك بلادنا وأهلها،
كبارها وصغارها، ورجالها ونسائها، وشبابها وبناتها،
وارضها وسمائها، والمسلمين اجمعين..
فأحفظها ربي من الأمراض والأوبئة والكوارث والزلازل والبراكين، وارفع البلاء
اللهم لا حول ولا قوة لنا الاّ بك
اللهم لا تحرمنا خير ما عندك بسوء ما عندنا
اللهم أغننا بالافتقار إليك ولا تفقرنا بالاستغناء عنك
اللهم افتح لنا أبواب رحمتك ويسر لنا أسبابـك
واصرف عنا عذابك وأجزنا جنتك وثوابك
((سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (182) سورة الصافات.