سواليف
يطلق مسؤولون ومتخصصون صيحات استغاثة لإنقاذ الطبقة الوسطى من الضغوطات والضربات الاقتصادية التي باتت تؤثر على حجمها وبنيتها وتوازنها عاما بعد عام، وهو ما جعلها تترنح، بل آيلة للسقوط في الطبقة التي دونها (أي الفقيرة ومحدودة الدخل).
ويؤكد هؤلاء أنّ الطبقة الوسطى اليوم بحاجة لسياسات وإجراءات إصلاحية واقعية لحمايتها، وفي نفس الوقت الابتعاد عن أي إجراءات من شأنها أن تزيد الضغوطات عليها أو تذويبها، وخصوصا تلك المتعلقة بالضرائب.
وقياسا على دراسات رسمية سابقةفإن حجم الطبقة الوسطى يقدر وفق مسح دخل ونفقات الأسرة لعام 2013/2014 حوالي 27.8 % من المجتمع، 29.9 % من المجتمع من طبقة الدخل المحدود، فيما نسبة الطبقة الفقيرة والمعرضة للفقر بلغت 23.2 %.
وتجدر الإشارة إلى أن النسب والأرقام، التي توصلت لها “الغد”، تحتمل هامش خطأ محدود، بسبب غياب التوضيحات الرسمية، علما بأن مسح دخل ونفقات الأسرة 2013 / 2014 الذي استندت إليه الدراسة، أعدته دائرة الإحصاءات العامة.
النسب التي توصلت لها “الغد” جاءت بعد مراجعة مسح دخل ونفقات الأسر الذي أنجز لعام 2013 / 2014 وهو المسح الأخير الذي أجري لحساب نسب الفقر في المملكة، وتحديد الطبقات الفقيرة والمتوسطة والغنية، والذي حدد الطبقة الوسطى بـ29 % والطبقة الفقيرة بـ14.4 %. لكنّ قرارا حكوميا سابقا قضى بعدم نشر ما توصل إليه المسح، والإبقاء على تداول أرقام تعود إلى 2010.
وكانت دراسة الطبقة الوسطى الأخيرة (2010) أشارت إلى أنّ نطاق الإنفاق الشهري لهذه الطبقة يقدر ما بين 813.5 الى 1112.3 دينار شهريا (حجم الأسرة المعياري 4.7 فرد)، أما الطبقة محدودة الدخل فقد كان نطاق إنفاقها ما بين 500.6 دينار شهريا إلى 813 دينارا (حجم الاسرة المعياري 6 أفراد أما الطبقة الفقيرة (دون خط الفقر) فقط قدر انفاقها بأقل من 500.5 دينار شهريا (حجم الأسرة المعياري 7.4).
فيما كانت دراسة الطبقة الوسطى للعام 2008 قد حددت نطاق الانفاق الشهري للأسرة من الطبقة المتوسطة ما بين 510 دنانير شهريا الى 1.020 دينار وتشكل 41.1 % من المجتمع، والطبقة ذات الدخل المحدود (تحت الطبقة الوسطى) يتراوح إنفاقها ما بين 402 إلى 657 دينار شهريا، وتشكل 37.5 %، أما الطبقة تحت خط الفقر والتي تشكل 13.3 % من المجتمع، فيقدر إنفاقها بأقل من 680 دينار شهريا.
وبالقياس على دراسة الطبقة الوسطى الأخيرة للعام 2010 فقد تمّ تحديد الأسر التي تنتمي الى الطبقة الوسطى بتلك التي يتراوح إنفاقها ما بين 9 آلاف إلى 14 ألف دينار سنويا، أي (750 إلى 1166 دينارا شهريا)، فيما الأسرة التي يتراوح انفقاها ما بين 8 آلاف دينار إلى 6 آلاف دينار سنويا (بين 666 إلى 500 دينار شهريا) هي من ذوي الدخل المحدود ، اما الأسر التي يقل انفاقها عن 6 آلاف دينار سنويا( 500 دينار شهريا) فهي أسر فقيرة ومعرضة للفقر.
ووفقا للمسح، فإنّ الأسرة التي يتراوح انفاقها ما بين 750 دينارا الى 1166 دينارا شهريا فتعتبر من الطبقة الوسطى (معدل حجم الأسرة 5.5) فيما الأسرة التي يتراوح دخلها ما بين 500 دينار الى 666 دينار شهريا هي من الطبقات محدودة الدخل(معدل حجم الأسرة 5.1)، والأسر التي يتراوح انفاقها بين اقل من 500 وحتى أقل من 150 دينارا شهريا هي أسر فقيرة، ومعرضة للفقر (3.3 معدل الأسرة).
وقسمت الأسر الفقيرة والمعرضة للفقر الى أسر يتراوح دخلها بين 5400 دينار الى 3000 دينار سنويا (بين 450 الى 250 دينارا شهريا) أي أسر معرضة للفقر أو فوق خط الفقر، إضافة الى أسرة تنفق 2400 دينار سنويا (200 دينار شهريا)، وهي على خط الفقر (بحجم أسرة 2.6 بالمعدل)، وأسر إنفاقها يقدر بـ1800 دينار سنويا أو أقل (150 دينارا أو أقل شهريا).
وعودة إلى إنفاق الطبقة الوسطى؛ حيث أشار المسح الى أنّ 92 % من انفاق هذه الطبقة مقسم إلى 34.3 % على المواد الغذائية، و31.4 % على خدمات التعليم والصحة والنقل والترفيه والرياضة، و26.5 % على المسكن وملحقاته.
وعودة الى آراء ممثلي القطاعات والمتخصصين؛ فاستهلاك الطبقة الوسطى اليوم انخفض على المواد الغذائية ليس لارتفاع اسعار المواد الغذائية، وإنما بسبب ارتفاع خدمات وسلع أخرى باتت تأخذ من حجم موازنات الأسر على حساب الغذاء.
أما في مجال التعليم، فيرى المتخصصون أن “هجرة طلبة مدارس القطاع الخاص الى الحكومية جاءت بسبب تراجع قدرة الأسر (وهم عادة من الطبقة الوسطى) على دفع فواتير المدارس، ولم يأت بسبب تحسن خدمات التعليم الحكومي، وهم يطالبون بضرورة إصلاح التعليم كخطوة نحو دعم الطبقة الوسطى، مع الإشارة إلى أن إصلاح التعليم يكون من خلال الخدمات المقدمة ومن خلال تحسين أوضاع المعلمين الذين يشكلون شريحة واسعة من الطبقة الوسطى. وفي الصحة، يؤكدون على سوء الخدمات المقدمة في القطاع الصحي الحكومي، واضطرار الطبقة الوسطى لدفع فواتير علاجية في القطاع الصحي الخاص، لعدم كفاءة الخدمات في القطاع الحكومي، وفي ذات الوقت فإنّ هناك ترديا في الأوضاع الاقتصادية لكثير من أطباء القطاع الحكومي.
يشار إلى أنّ دراسة حديثة للبنك الدولي كانت أكدت أن المعلمين ومقدمي الرعاية الصحية في القطاع الحكومي في المملكة لا يبذلون الجهد الكافي في عملهم، مؤكدة ضرورة تفعيل المساءلة والرقابة والتحفيز على العاملين في هذين القطاعين لتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين.
وأكدت الدراسة أنّ مستويات طلاب الأردن في المدارس الحكومية تعد من أدنى المستويات عالميا في مواد العلوم واللغات والرياضيات، وأن الجهد الذي يبذله المعلمون في تحقيق معايير مهنية تتعلق بمستويات التعليم ماتزال “متدنية”.
وفي القطاع الصحي، أشارت الدراسة الى “تدني جهود مقدمي خدمات الرعاية (التي تُقاس وفقا لنسبة التغيُّب عن العمل، والجهد السريري المبذول أثناء مقابلات المرضى، ومقدار الوقت المبذول مع المرضى، وتقديم الرعاية وفق الحقوق المقررة) في مجالات عدة.
وفي مجال النقل، يرى المتخصصون أنّ هذا القطاع يستنزف من ميزانيات أسر الطبقة الوسطى خصوصا تلك التي لديها ابناء في الجامعات والمدارس، ويدعون إلى ضرورة “دعم الأجور بشكل أكبر”، وتنفيذ مشاريع النقل، خصوصا الباصات سريعة التردد.
وفي مجال السكن وملحقاته، يرى العاملون في القطاع أنّ ارتفاع أسعار السكن أثر على الطبقة الوسطى بشكل كبير.
مواد غذائية
ممثل قطاع المواد الغذائية النائب الثاني لرئيس مجلس ادارة غرفة تجارة الاردن، رائد حمادة، يرى أنّ الطبقة الوسطى اليوم باتت نسبتها من المجتمع تتراجع يوما بعد يوم، مشيرا إلى أنّ هذا انعكس على حجم الطلب الكلي على المواد الغذائية خلال العامين الأخيرين.
وقال إنّ التراجع في الطلب كان العام الماضي حوالي 12 % إلا أنّ نسبة التراجع وصلت العام الحالي إلى حوالي 30 %، مشيرا إلى أن هذا القطاع يعيش اليوم حالة أقرب إلى الركود.
وأشار إلى أنّ الطلب على الأغذية عادة لا يتوقف إلا أنّه يتغير، ففواتير وتكاليف الحياة الأخرى المفروضة على المواطن باتت تأخذ من حجم ونوعية الأغذية التي كان يستهلكها المواطن.
وأوضح أنّ أسعار المواد الغذائية خلال الست سنوات الأخيرة بقيت بنفس المعدلات، وبالتالي فإن عدم الإقبال على الأغذية لم ينجم عن ارتفاع أسعارها وإنما عن ارتفاع بنود أخرى في حياة المواطنين.
وقال حمادة إنّ الطبقة الوسطى، التي يعول عليها الاقتصاد بشكل عام، باتت تنكمش بشكل مستمر، وهذا ناجم عن زيادة الضرائب والرسوم على كثير من القطاعات التي انعكست بالنهاية على الطلب على الغذاء، مشيرا إلى أنّ انخفاض الطلب سيؤثر أيضا على التجار أنفسهم الذين يعتبرون من الطبقة الوسطى؛ حيث تتراجع أرباحهم، وبالتالي تتراجع حجم استثماراتهم والعمالة التي يستخدمونها.
وأكد أن تراجع الطلب لم يكن على مواد غذائية أساسية، وإنما على مواد أخرى غذائية (غير أساسية)، قد تكون أقل أهمية، مشيرا إلى أنّ تراجع الطلب كان بسبب انخفاض القدرة الشرائية وتوجه جزء من الدخول الى سلع أخرى أصبحت تعتبر أساسية لبعض الأسر، وبالتالي إنفاق الأسر على السلع الأخرى غير الغذائية كان على حساب سلع غذائية.
التعليم والصحة والنقل والثقافة والترفيه
في قطاع التعليم يرى الخبير والباحث التربوي، الدكتور ذوقان عبيدات، أنّ الطبقة الوسطى تمر اليوم بظروف اقتصادية انعكست على التعليم بعدة ظواهر، أهمها انتقال عدد كبير من طلبة المدارس الخاصة الى الحكومية.
وأكد أنّ هجرة الطلبة من القطاع الخاص إلى الحكومي “لم تكن بسبب تحسن التعليم في القطاع الحكومي، وإنما بسبب تراجع الأوضاع المعيشية لهذه الطبقة وعدم قدرتها على دفع فواتير المدارس”.
وأوضح أن تكلفة التعليم في العالم ارتفعت، وانعكس هذا على التعليم الحكومي والخاص على حد سواء، الا أنّ الحكومي لا يستطيع عكس التكاليف، وظهر هذا في تراجع نوعية التعليم لديه، أما الخاص فهو يعكس أي تكلفة على المواطن، وهذا زاد من أعباء الطبقة الوسطى.
ولا ينسى عبيدات أنّ هدف الربح لدى بعض المدارس الخاصة هو سبب آخر لزيادة اسعار التعليم في القطاع الخاص، لأن ارتفاع تكاليف الطالب الواحد ساهمت أيضا في هذه الزيادة.
ويؤكد عبيدات ضرورة إصلاح التعليم الحكومي الذي يراه من خلال بندين رئيسيين الأول الادارة والسياسة التعليمية، والثاني من خلال المناهج التي يندرج تحتها (ثقافة المعلم وتدريبه وتأهيله إضافة إلى البيئة المدرسية وأخيرا المناهج وطرق التدريس).
ويؤكد عبيدات أنّ بند السياسة التعليمية لا بدّ أن يركز على تحويل مهنة التدريس إلى مهنة تحتاج إلى مهارات معينة لا يتقنها أي شخص، بحيث أنّ مهنية التعليم لا تكون إلا من خلال معلم مؤهل للتدريس.
وتأهيل المعلم، وفق عبيدات، لا بدّ أن يكون من خلال تغيير ثقافة المعلم الحالية وتدريبه، مؤكدا جملة “المعلمون لا يتدربون”، ومن يحصل اليوم على تدريب فهو تدريب شكلي لا ينفق في عملية التدريس، موضحا أن المعلم لا بد أن يحصل على ساعات للتدريب أكثر من الساعات التي يقوم فيها بالتدريس الفعلي.
نقيب أصحاب المدارس الخاصة، منذر الصوراني، أشار إلى أنّ التعليم الحكومي لا يحقق غايات وأهداف الكثير من أبناء الطبقة الوسطى، خصوصا أنها طبقة تستثمر في تعليم أبنائها، وهي تذهب الى التعليم الخاص بهدف تحقيق هذه الأهداف.
وقال إن توجه عدد كبير من القطاع الخاص الى الحكومة في السنوات الأخيرة الماضية هو دليل واضح على تراجع هذه الطبقة، على أنّ هذا التراجع لا يعود إلى ارتفاع تكاليف التعليم الخاص فقط، وإنما إلى ارتفاع تكاليف المعيشة بشكل عام الناجم عن ارتفاع الرسوم والضرائب.
وأشار الى أن عدد الطلبة الذين انتقلوا العام الحالي قد يزيد على 50 ألف طالب، فيما وصل العام الماضي الى حوالي 30 ألفا.
قطاع النقل
وفي قطاع النقل يرى وزير النقل الأسبق، الدكتور هاشم المساعيد، أنّ قطاع النقل من أكثر القطاعات التي تمس الطبقة الوسطى، مشيرا إلى أن هذا القطاع يخدم الطبقتين الوسطى والفقيرة.
ويؤكد المساعيد أنّ رفع أسعار المحروقات باستمرار انعكس على أسعار الأجور، وهذا يتحمله في النهاية مستخدمو قطاع النقل العام.
وأكد المساعيد “ضرورة أن يكون هناك دعم مباشر للأجور” في الموازنة بحيث لا يتحمل المواطن الزيادات التي تحصل على المحروقات، مضيفا أنّ المواطن في دول العالم لا يتحمل أكثر من 50 الى 70 % من تكاليف النقل، والباقي عادة يكون مدعوما من قبل الدولة.
وأشار الى أنّ هناك مشكلة في نوعية الخدمة المقدمة وتتمثل في معظمها في “التأخير”، كما أنّ هناك زيادة في الطلب على النقل العام بسبب زيادة عدد السكان وليس لتحسن الخدمة، ملمحا الى أنّ وسائط النقل العام في عمان تقدم حوالي 4 ملايين رحلة يوميا، في حين أن قدرتها لا تزيد على أن تقدم سوى 2 مليون رحلة يوميا.
وأكد أنّه وبالإضافة الى “دعم الأجور المباشر” لا بدّ من الاسراع في تنفيذ مشاريع النقل وتحديدا الباص سريع التردد سواء الذي يربط عمان بالزرقاء أو الذي ينجز في عمان، حيث أن من شأنه أن يساعد في تحسين الخدمة وتقليل الاختناقات المرورية، وتشجيع الطبقة الوسطى على استخدام وسائط النقل العام.
يشار هنا الى أنّ 56 % من مستخدمي النقل العام من الفئة العمرية دون سن 26 عاما، و60 % من مستخدمي النقل العام دخلهم لا يتجاوز 300 دينار شهريا، و35 % من مستخدمي النقل العام هم من الطلاب.
وعلى صعيد الوسائل المتاحة، تبلغ أعداد الحافلات الكبيرة والصغيرة في المملكة ما يقارب 5.548 حافلة، بينما وصلت آخر أرقام سيارات الأجرة إلى 16.138، وهناك ما يقارب 559 خطا للحافلات تصل بين المدن الرئيسية في الأردن.
وتتواجد من هذه الأرقام في عمان وحدها قرابة 800 حافلة تتوزع بين صغيرة وكبيرة، و11 ألف سيارة أجرة، و80 خطا للحافلات، بينما يشكل الطلبة النسبة الكبرى من رواد الحافلات بنسبة تتراوح بين 70 إلى 80 %.
وأظهرت دراسات حديثة أن 39 % من الشباب يضطرون إلى استخدام حافلتين فأكثر للوصول إلى غايتهم.
قطاع الصحة
وفي قطاع الصحة، يقر نقيب الأطباء، الدكتور علي العبوس، أنّ مستوى الخدمات المقدمة في القطاع الصحي الحكومي دون المستويات المطلوبة، وهي تحتاج إلى اهتمام من الحكومات لتحسينها.
ويؤكد العبوس أنّ ثمة حالة من عدم الاهتمام بالقطاع الحكومي؛ حيث أنّ من يذهب اليوم الى المستشفيات الحكومية يذهب من باب الاضطرار وعدم القدرة على الذهاب الى الخاص، مؤكدا أنّ هذا يعود بشكل أساسي إلى أن أطباء القطاع والكوادر الطبية الأخرى “غير مرتاحين”.
وأكد أنّ مستوى الخدمات الصحية المقدمة سيئة، كما أن خدمة ما بعد العلاج أسوأ، قائلا إن حل مشاكل هذا القطاع لا تكون إلا من خلال قوانين إدارية سهلة التطبيق.
ومن جهة أخرى، يرى العبوس أنّ جزءا واسعا من الطبقة الوسطى هم من الأطباء، سواء في القطاع العام أو الخاص.
وأشار إلى أن كلا القطاعين يتعرض حاليا إلى ضغوطات؛ فطبيب القطاع العام موارده محدودة باستثناء أطباء الخدمات الطبية والجامعات، وهؤلاء تتعرض دخولهم الى تآكل في ظل ارتفاع تكاليف الحياة ومن أهمها التعليم والإيجارات. وأكد العبوس أنّ الطبيب في القطاع العام بات لا يعد من الطبقة الوسطى، بل أقرب إلى الفقيرة، مشيرا الى رواتب أطباء القطاع العام قليلة جدا، مقارنة بغيرهم في القطاع الخاص.
أما أطباء القطاع الخاص، فيرى العبوس أنّ عددا من أطباء هذا القطاع قفزوا قفزات كبيرة ماليا، على أن هناك العديد من أطباء القطاع الخاص يعانون من ضغوطات وأعباء تعيق تطورهم وزيادة دخولهم؛ حيث أنّ أي طبيب عليه ان يدفع مبالغ مالية كبيرة في حال فكّر في فتح عيادة خاصة، أو تأسيس مشروع خاص، مشيرا بذلك الى الإيجارات والرسوم والضرائب التي تطلب على مثل هذا النوع من المشاريع.
الإسكان وملحقاته
رئيس هيئة مستثمري قطاع الاسكان، زهير العمري، أكد أنّ ارتفاع أسعار العقار في المملكة أثر خلال السنوات الأخيرة على الطبقة الوسطى بصورة سلبية.
ويرى العمري أنّ السبب الرئيسي في الارتفاع المستمر في أسعار الشقق هو انخفاض عدد الأراضي وقلة مساحاتها، وتحديدا الأراضي المخدومة بالبنية التحتية والفوقية، مشيرا الى أن الحكومة لا تعمل منذ فترة على التوسع في الأراضي المخدومة بالبنية التحتية والفوقية، وبقي العرض والطلب ضمن مساحة محدودة.
وطالب العمري بضرورة أن يتم ضم أراض إلى مناطق “التنظيم” ومد البنى التحتية لها إذ سيساهم ذلك في تخفيض أسعار الأراضي، مشيرا الى أنّ “أكثر من 60 % من سعر الشقة في المملكة هو سعر الأرض”.
وبين العمري أنّ المواطن يبحث عادة عن الشقة التي تتناسب مع دخله، وبالمعايير الدولية فإنّ نسبة اقتطاع السكن من الدخل يجب أن لا يتجاوز الـ30 %، على أنّ العمري يشير الى نقطة اعتبرها “خطيرة” وهي تجاوز بعض البنوك المقرضة لهذه النسبة لتصل في بعض الأحيان إلى 50 % من الدخل، وهذا يشكل وفق العمري خطورة على قطاع العقار في حال لم يكن هناك قدرة على التسديد.
ونبه العمري إلى ظاهرة جديدة بدأت تظهر في ضواحي بعض المحافظات، وهي ظاهرة “العشوائيات” وتتمثل بإنشاء أبنية من قبل بعض المواطنين في أراضي غير منظمة والعيش بها، وهي مشكلة قد يكون لها آثار اقتصادية وأمنية على المدى البعيد.
وكان العمري أشار إلى أنّ هذا القطاع ومنذ 2009 يعاني من تراجع، واصفا ذلك بـ”الحالة المرضية”.
وقال “2015 و2016 كانت من أكثر السنوات سوءا على هذا القطاع، وذلك لأسباب خارجية تتعلق بالأحداث في الدول المحيطة والمستقبل الغامض للمنطقة، والأزمة المالية العالمية، وأسباب محلية تتعلق بعدة مشاكل”.
ومن الأسباب الداخلية؛ شرح العمري أنّ هناك مشكلة أساسية في هذا القطاع تتمثل في القدرة الشرائية للمواطن مقابل ارتفاع أسعار العقار. وبين أنّ هذا سببه ارتفاع أسعار الفائدة على القروض، وتشدد البنوك في منح القروض، إضافة إلى أنّ شروط ومتطلبات أمانة عمّان (فيما يخص العقار في العاصمة)، إضافة الى عدم تناسب القوانين والأنظمة مع التطورات التي طرأت خلال العشر سنوات الأخيرة.
وألمح إلى أنّ أسعار الأراضي ارتفعت 5 أضعاف عما كانت عليه في 2005، كما ارتفعت أسعار الشقق 3 أضعاف عما كانت عليه العام 2005؛ ووصف العمري الأسعار بـ”الخيالية”،
كما شدد على ضرورة أن يتدخل البنك المركزي في تخفيض أسعار الفائدة على العقار وتقليل شروط الاقتراض على المواطن، كما أكد ضرورة تدخل الأمانة في تشجيع المساكن الصغيرة التي تتناسب وقدرات المواطنين.
ولفت إلى أنّ هناك ضرورة لمعالجة مشكلة الاحتكارات في قطاع الإسمنت الذي كان سببا آخر مهما في ارتفاع أسعار البناء، كما اقترح تخفيض رسوم نقل الملكية والعودة إلى نظام الإعفاءات الذي كان معمولا به في السابق.
الغد