الضفة الغربية ليست للفلسطينيين ولا للأردنيين!!
ماهر ابو طير
كانت الكونفدرالية بين الاردن والضفة الغربية، ممكنة، لو قامت دولة فلسطينية كاملة، وفقا لما اوهمتنا به اتفاقية اوسلو، دولة كاملة ومتصلة عاصمتها القدس، ووقتها كان ممكنا بعد قيامها، ان يحدث استفتاء شعبي، على هكذا كونفدرالية، او تصويت برلماني، لاقرارها.
لكن هذه الفرصة تبددت اليوم، اذ كيف يمكن ان تقترح واشنطن، هكذا حل على الرئيس الفلسطيني، وهي تدرك انها بهذه الصيغة تكون كونفدرالية مشوهة، تؤدي الى ايقاع اضرار كبرى بالاردنيين والفلسطينيين، معا، حين تتحول الكونفدرالية الى مجرد تصفية للقضية الفلسطينية؟.
كيف يمكن لواشنطن، ان تطرح هكذا حلول، امام واقع الضفة الغربية، التي لم يبق من اراضيها اساسا، الا القليل، وصودرت بقية الاراضي، او بنيت فيها المستوطنات، فوق ان حلول تبادل الاراضي، تبدو غير ممكنة اساسا، ولا تتفق مع قرار الامم المتحدة، حول مساحة الضفة الغربية، والاراضي التي احتلت عام سبعة وستين، اضافة الى ان هكذا حل يراد منه، اسقاط القدس كعاصمة، وتحويلها الى مجرد موقع ديني للصلاة، لمواطني دولة الوحدة بعد الكونفدرالية؟!.
لم يفسر احد الفرق بين كونفدرالية التسعينات، وما قبلها، وكونفدرالية اليوم، ولعل المفارقة ان كل الاراء تتحدث عن الرفض، ولا احد يقول لك ماهية الفروقات بين التواقيت والواقع والصيغتين؟.
كونفدرالية اليوم، تعني ايضا، نقل العبء السكاني في الضفة الغربية الى الاردن، بمعنى ان الاردن ستكون مهمته ادارة السكان، عبر مظلة الكونفدرالية، ومؤسسات فلسطينية داخلية بحتة، او مشتركة مع الاردن، وهكذا يصبح الاردن الذي حكم الضفة الغربية والقدس، يوما ما، مجرد حاضنة سكانية.
اذا كان معروفا منذ اليوم، ان لا احد سوف يهاجر الى الاردن، ونحن نرى ارقام المغادرة عبر الجسور، بما يثبت بقاء الفلسطينيين على ارضهم، الا ان هكذا صيغة ستؤدي لاحقا، الى تداعيات كثيرة اقلها انعاش الاردن اقتصاديا، لتحويله الى منصة جاذبة للهجرات داخل دولة الكونفدرالية، وبحيث ينتقل الفلسطينيون لغايات العمل تدريجيا الى الاردن، بما يخفف الضغط البشري على العصب الاسرائيلي.
كان لابد ان يخرج خبراء، ليشرحوا الفروقات بين مشاريع الكونفدرالية السابقة، قبل اتفاقية اوسلو ووادي عربة، ومشروع الكونفدرالية الحالي، خصوصا، ونحن نرى الواقع في الضفة الغربية، والقدس، مثلما نرى الواقع في الاردن، حيث الاغراق السكاني، بسبب الهجرات، وشح الموارد، والتحديات السياسية والاقتصادية والامنية، وحسابات كثيرة، يخضع بعضها ايضا، للتحسسات الوطنية، حول الهوية الوطنية الاردنية، مثلما هناك تحسسات فلسطينية حول الهوية الوطنية الفلسطينية داخل الضفة الغربية، حيث يمكن القول بكل وضوح، ان ما بين الشعبين اكبر بكثير من هكذا صيغ، يراد منها في المحصلة تصفية القضية الفلسطينية، لصالح اسرائيل وعلى حساب الشعبين معا.
هناك اتجاهات تريد تقديم الاردنيين والفلسطينيين، باعتبارهما يبغضون بعضهم البعض، ولا يريدان اي رابطا وحدويا، وهذا كلام غير صحيح، لان الصلة بينهم عميقة وقديمة، وقائمة فعليا، مقارنة بكل علاقات العرب ببعضهم البعض، لكننا نتحدث هنا، عن صيغة تريد شطب القدس عن الخارطة، واقامة جسر لتخفيف العبء عن اسرائيل، وترحيل المشاكل الى الاردن، حصرا، وانهاء كل البنية الفلسطينية، التي قدمت عشرات الاف الشهداء، ليكون مصيرها، مجرد كيان شكلي، نهاية المطاف.
كل هذا يقال اليوم، في سياقات العرض الاميركي بإقامة كونفدرالية اردنية -فلسطينية، لكننا نحب ان نذكر ما هو أهم، فإسرائيل حصرا، لا تريد فيدرالية ولا كونفدرالية، حتى يفهم كثيرون، ان الرأي الاسرائيلي يختلف في حالات كثيرة، عن الرأي الاميركي، فاسرائيل تعتبر الضفة الغربية « يهودا والسامرة» ولاتريد منح ارضها لا للفلسطينيين ولا للاردنيين، مثلما تعتبر القدس « اورشليم» وهذا يعني اننا نتذاكى على بعضنا البعض ببيع الاوهام، وشعارات القبول والرفض، لاننا في المحصلة امام احتلال بشع، يريد كل هذه الارض، ومشكلته فقط في «السكان» وفقا لتعبيراته، ويريد الخلاص منهم، بأي صيغة كانت.
معنى الكلام، اننا نتجادل في هكذا حال، ونتعامى عن الحقيقة الاكبر، التي لا تستطيع حتى واشنطن تجاوزها، فالمشروع الاسرائيلي بحد ذاته، قائم على التوسع، واطماعه تمتد الى مصر والاردن والعراق، وهذا يعني ان علينا ان لا نحرف نقاشاتنا، وكأننا « نتعازم» على من سيحكم الضفة الغربية والقدس، وهي فعليا، تعد جزءا اساسيا في المشروع الاسرائيلي، فلا يمكن ان تقبل تل ابيب قيام دولة فلسطينية عليها، ولا بأي صيغة، حالية، او لاحقة، مستقلة تماما، او تؤدي للوحدة مع الاردن.