الفساد هو الحافز إلى الإصلاح / موسى العدوان

الفساد هو الحافز إلى الإصلاح

يقول الفريق الركن المتقاعد فوزي عبيدات رحمه الله، في مقدمة كتابه الذي نشر في عام 1999، بعنوان ” النظام العسكري في عهد محمد علي ” ما يلي وأقتبس :

” فقد كان الفساد كما الفشل هو الحافز إلى الإصلاح، ولكن ليس المهم أن يعرف المجتمع بأن الفساد قد تفشى في كل ناحية من نواحي الحياة، بل الأهم من ذلك هو إدراك المجتمع للنتائج والتداعيات السيئة لهذا الفساد. كان المجتمع المصري في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر، يمر بأسوأ حال يمكن أن يكون عليها شعب من شعوب هذه الأرض.

ومع كل ما يعانيه هذا الشعب من ويلات وظلم، فقد كان يحب الأرض، ويحب النيل الذي يروي هذه الأرض، وليكن عدا ذلك بنظره ما يكون. وقد يكون هذا الشعب وهذا الحب العظيم لهذا النهر ولهذه الأرض، هما نقطتا ضعف هذا الشعب. كان يصبر على الظلم والضيم نظير هذا الحب، وقد أدرك محمد علي هذا الواقع المر وأشفق عليه، وأحب الأرض كما أحبها الآخرون. فهو أحبها لعطائها وهم أحبوها، لما كانت تقدمه لهم من أسباب العيش. وظل محمد علي ما يزيد على ست سنوات، حتى تمكن من ضمان حب الشعب مع حب الأرض.

مقالات ذات صلة

ومع ضيق ذات اليد الذي كان يعاني منه في المراحل الأولى، إلا أنه عرف كيف كان البكوات المماليك يستغلون طيبة هذا الشعب، فيأخذون ما بيده ويحمّلونه الجميل، بأنه يعمل ويعيش في أرض هي ملك لهؤلاء البكوات. ولم يخطر ببال هؤلاء الحرافيش بأن هذه الأرض هي أرضهم، قبل أن تكون أرض هؤلاء الغرباء الطامعين.

هكذا كانت حالة مصر – جهل وفقر وظلم – عند مجيء محمد علي إليها. ولكن لم يمضِ على هذا الوضع عقدان من الزمن حتى أصبحت مصر غير مصر في بداية القرن التاسع عشر. لقد أزيح كابوس عن كاهلها دام قرونا، وبدأت تظهر على الساحة الدولية كقوة منافسة إلى الحد الذي يشعر معه الباحث، بأنها أصبحت أحد الأطراف الرئيسية، إذ أصبح اسمها وقوتها يذكران مع القوى البارزة في ذلك الوقت، وأصبحت دولة حديثة بالمفهوم الغربي.

لقد قيل الكثير عن النواحي الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في عهد محمد علي، وقيل وكتب الكثير أيضا عن قوة مصر العسكرية. ولكن ما قيل وكُتب عن هذه الناحية، لم يتعدَ الوصف والسرد المجرد لمكونات هذه القوة. ولم يُعثر بين الكثير مما كتب على عمل يفرّق بين التنظيم والنظام. ولم يتطرق أحد إلى كيف كان محمد علي يوظف عناصر القوة الوطنية، من أجل دعم القوة العسكرية، ومن أجل تحقيق الأهداف والغايات الوطنية. والحقيقة أن محمد علي لم ينشئ القوة العسكرية بما وصلت غليه من كفاءة وضخامة، إلا لكي يحقق أهداف السياسة “. انتهى الاقتباس.

* * *
التعليق : لقد قام محمد علي بثورة حقيقة على الفساد والظلم، وأسس لنهضة حقيقية غيرت وجه النشاط الإنساني في مصر، وحولتها من دولة متخلفة إلى دولة متقدمة، وحرر البلاد من الغزو الأجنبي، الإنجليزي والفرنسي والعثماني، وخاصة ما كان يرتكبه الولاة العثمانيون من خطايا ضد شعب مصر. وهكذا أعتُبر محمد علي مؤسس مصر الحديثة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى