ذاكرة قلم عن ” العاطفة المنسيّة ” / قدموس المجالية

ذاكرة قلم عن ” العاطفة المنسيّة ” / الأخت ليست قطعة من البيت بل من القلب

لكل فكرة مخاض وحاولت أن أعبر عن مخاض فكرة ” العاطفة المنسيّة ” ولم أجد في ذاكرة القراءة لكتب الأدب العربي غير الخنساء تلك المخضرمة التي عرفت عراقة الجاهلية ولم تفتها قافلة الإسلام..تلك المرأة التي إذا أخذتها بتلابيب القلب خرس في حضرتها الكلام..وإذا أخذتها في الناس تذكرت قول رسول الله : الناس معادن خيارهم في الجاهليّة خيارهم في الإسلام ” ..وإذا أخذتها في مضمار القصيدة ..تجدها فارسة امتطت صهوة الشعر باكراً وسابقت الشعراء في ذلك المضمار ..والذي قال عنها النابغة : الخنساء أشعر العرب ”
تلك المرأة التي قدمت أولادها الأربعة شهداء في حرب القادسية ..ثم سجدت لله سجدة شكر وقالت : ” لكَ الحمدُ أنتَ أعطيتَ..وأنتَ أخذتَ ” .
هذا هو الإسلام العظيم يا سادة..لا يغير نظرة المرء للحياة فقط.. بل ويغيرها للموت أيضاً..!!!
.
.
نعم لم أجد غير الخنساء لأعبر فيها عن فكرة العاطفة المنسية تلك الأخت الذي رثت أخاها صخر فبكت عليه الصحراء معها حتى أخر حبة رمل فيها ..وعندما دخلت الإسلام وجاءت تُكحّل عينيها برؤية رسول الله قال لها: ” هيه يا خُنيس..أنشديني من حديث صخر ” .!
.
صخر هذا الأخ الذي استحق رثاء أخته الخنساء ..فقد مات والدهما وترك مالاً كثيراً..وكان من عادة العرب في الجاهلية أن لا ترث فيهم النّساء..ولكن صخر الذي رأى أخته الخنساء قطعة من قلبه..رأى أيضاً أن يكون لها قطعة من ميراث المال..فأعطاها نصف الميراث سواءً بسواء! وكان للخنساء زوج اسمه عبدُالعزّى كان مقامراً في الجاهليّة..فقامر بمالها حتى خسره كلّه..فقامت الخنساء بالذهاب إلى أخيها صخر تطلب معونته..فقام صخر بجمع ماله كلّه وأعطاها نصفه للمرّة الثانية..ثم عاد زوجها وقامر فيه وخسره..فرجعت الخنساء إلى أخيها مرة أخرى..فقام بجمع ماله كلّه وأعطاها نصفه للمرة الثالثة..ولأنّ صخر لم يبخل على أخته الخنساء بالمال ..لم تبخل الخنساء على أخيها صخر بالشّعر…فخلّدته..!!!
وما زلنا لليوم كلما سمعنا ” اسم الخنساء ” ..دقّ ” اسم صخر ” في ذاكرتنا كناقوس..!!!
.
أما اليوم وفي هذا الزمن المادي زمن التناقض الذي نعيشه ماتت فينا مشاعر جميلة ما كان يجب أن نسمح لها ن تموت..وفي مقدمتها ” حُبّ الأخوات” ..هذه العاطفة المنسيّة رغم أنها أصدقُ عاطفة أنثوية بعد عاطفة الأم تجاه ابنها..حُب طاهر نقي..ليس من ورائه مصلحة ترتجى ولا غاية ..فلماذا نسيناه؟! نسينها ليس كعاطفة في الحب ولكن كمعاملة ..فالحب كالدين معاملة ..!!!
.
ولو كانت للمعاملة لسان لسألت كل واحد منّا هنا :
متى آخر مرة دللت أختك في البيت..أو أهديتها هدية..أو طبعت على جبينها قبلة؟! متى آخر مرة زرت أختك المتزوّجة؟! هذه الأخت التي ليست قطعة من البيت بل قطعة من القلب ..ولا أحد منّا أبعدها زهداً فيها ولكن هذه هي سنّة الحياة..زوجناها كسنّة للحياة وليس للخلاص منها..!!!
.
ولو كانت لفكرة ” العاطفة المنسيّة ” لسان..لأوصت كل واحد منّا:
دلل أختك..أغدق عليها الأهتمام والحنان ..اسقي بذرة عاطفتك في قلبها لتصبح شجرة وتثمر فتقطفها …أنت بحاجة لهذه العاطفة كحاجتها لها وأكثر ..لا يوجد أحنّ من عاطفة بلا جزاء ولا مقابل..عاطفة لا شيء فيها سوى أنّها عاطفة ..!!!
فاجئوا أخواتكم وأنا أولكم:
” إلى أخواتي الأربعة : إن كان أبنائي فلذات كبدي ..فأنتن فلذات قلبي..ولكل واحدة منكنّ فلذة من قلبي ..وإن أطال الله في عمري سأبقى أجمع قلبي كاملاً في صدري.. احبّكنّ..!!!
كُتبت بتاريخ 14 تشرين الثاني 2015

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى