حَكَم جلّاد !!! / د . ناصر نايف البزور

حَكَم جلّاد !!!

للألعاب الشعبية رونق خاص و ذكريات جميلة تفوق في روعتها ألف لعبة و لعبة من ألألعاب الإلكترونية السائدة التي لا تعرف سوى التحطيم، و المطاردات و الخيال المفرط في السرعة و القوّة الخارقتين … أي أنّها ليس لها علاقة بالواقع من قريبٍ و لا بعيد…
و من تلك الألعاب الشعبية لعبة “حكم جلاّد” التي كانت منتشرة بين الأطفال و اليافعين و حتّى بعض الكبار… و هي لعبة تقوم على خلط مجموعة أوراق كُتب على كلٍّ منها شخصية يتقمّصها كلُّ لاعبٍ بعد سحب أو “شلف” الأوراق… 🙁
فهناك شخصية الملك… و هناك المفتّش… و هناك اللص “الحرامي”… و هناك القاضي “الحكم”… و هناك الجلاّد …و هناك الكنّاس و هو لا “بهش و لا بنِش”… و لا يُثاب و لا يُعاقب 🙂
الملك في هذه اللعبة له دور واحد و محدّد و هو أن ينادي بوقار: أين المفتّش… و على المفتّش أن يُجيب: نعم سيّدي… فيطلب منه الملك: أخرج لصَّك… فيبدأ المفتّش حسب فراسته بقراءة العيون و الوجوه… و تبدأ المؤامرات و عمليات الغمز لتضليل أو إرشاد المفتّش… فإن هو أشار إلى اللص بنجاح طلب الملك من الحكم أن يُصدر الحُكم المناسب على اللص… و إن أخطأ حدس المُفتّش صدر الُحكم بالعقوبة ضد المفتّش المُقصِّر… لذلك فهو يعمل جاهداً على إيجاد اللص الحقيقي لتتم معاقبته و إلاّ أصبح هو موضع المُساءلة و العقاب…
هذه هي حقيقة ما يجري في بلادنا… فالملك يُصدر كتاب التكليف السامي للحكومة و هو كتاب مقالي و نموذجي… و ترد الحكومة بقولها: أمرك سيّدي… و لكنّ الحكومات غالباً ما تُقصّر في إيجاد اللص…. فينجو اللص من العقاب… و لكنّ الفرق بين اللعبة و الواقع هو أنّ الحكومة لا تُحاسب غالباً على تقصيرها فيفلت اللص بما سرق… و تسلم الحكومة رغم تقصيرها… و غالباً ما تتم محاسبة الكنّاس (أي الشعب) المسكين….
أما آن الأوان لتطبيق قواعد لعبة “حكم جلاّد” في حياتنا المُعاشة فيقوم كلّ واحد منّا بعمله على أتمِّ وجه و إلا فعصا الجلاّد بانتظاره 🙁
فمن أمِنَ العقاب أساء الأدب و سرق و نهَب؛ و تَنعَّم بما كَسب و أصبحَ مِن أهل الشرف و الجاه و النسب…. فقط في بلاد العَرَب 🙁 و الله و اتلولحي يا دالية… بلادي و الله غالية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى