السياسي الذي ” فقد ظله ” / وليد عبد الحي

السياسي الذي ” فقد ظله ”

من المتعذر في الاطار الانساني العثور على شخص يتطابق جوهره ( حقيقته) مع ظله( الصورة المزيفة التي يعمل الفرد من خلالها على تظليل حقيقته)، وتزداد كثافة هذه الثنائية في مجتمعات الكبت الاجتماعي والخرافة الذهنية والاستبداد السياسي.
ويمثل “الفرد السياسي” النموذج الأكثر تجسيدا لثنائية الشمس( الحقيقة) والظل( الصورة المزيفة)، ويتباين الذكاء من سياسي لآخر في القدرة على التمويه لاظهار وجهي الشخصية بشكل متطابق، بينما يفشل آخرون في هذا التمويه.
في فاسطين سيلسي ” يُفترض بأنه رئيس لحركة تحرر وطني” ، وبأنه جاء لموقعه بانتخاب سياسي نزيه، وبأنه يمثل نهجا ” عقلانيا” في سلوكه السياسي، فهل ظله يعري كل هذا ؟ :
فهو رجل لم يأنف ان يعمل لصالح الكي جي بي(KGB ) تحت اسم كروتوف(نيويورك تايمز 7 سيبتمبر 2016)، وأن يحتل مكانا في قائمة عملاء السي آي ايه التي تم العثور عليها في السفارة الامريكية في طهران(theiranproject.com 31-7-2016)، وان يتم العثور في مكتبه في تونس على جهاز تنصت( في كرسي مكتبه) ومصباح اضاءة يسجل كل حوار يدور في مكتبه، ثم تقوم حكومته – وبأمر مباشر منه- بإطلاق سراح عميل الموساد الذي اعترف بدس هذه الأجهزة رغم حكم الاعدام الصادر بحقه( مجلة الدراسات الفلسطينية-عدد 43-مجلد 11- عام 2000) ، ثم يتبرأ من مضمون اطروحته للدكتوراة حول العلاقة بين النازية والصهيونية بالقول بأنه كتب ذلك خلال فترة ” الحرب بين الفلسطينيين والاسرائيليين”.( الغارديان- الجمعة 4 مايو 2018).
انتهت مدته الرئاسية..ومع ذلك لا يرى في استمراره في السلطة أي خطأ، فديمقراطية ” الظل” تبرر له الاستمرار، بل وان يلغي مؤسسات لا تعجبه،
هو يقترح اطلاق سراح الجندي الاسرائيلي شاليط دون مقابل(المركز الفلسطيني للاعلام-1 ديسمبر 2010) ، وهو الذي اختلف بشكل كبير مع ياسر عرفات لكنه قبله رئيسا للوزراء تحت ضغط أمريكي وأوروبي، وكان عرفات يسميه ” كرزاي فلسطين)( الغارديان 19 مارس 2003) ، وما ان تمكن من ممارسه هذه الصلاحيات –التي اصر الامريكيون والاوروبيون على منحه اياها- حتى اختفى ياسر عرفات.
أصبح الهدف الحقيقي له هو ” القضاء التام على أي شكل من اشكال المقاومة للاحتلال، والاصرار على نزع سلاح غزة تحت ذرائع الوحدة الوطنية والمصالحة… وهو الذي فكك مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، وجعل التنسيق الامني مع العدو ” أمرا مقدسا”( –29 مايو 2014 –(middle east monitor وطالب أجهزته الامنية بقتل كل من يطلق النار على العدو(Times of Israel- 11June, 2014).
.ثم زاد الامر حدة عندما اصر على الخنق الاقتصادي لغزة، وساهم في تسهيل الهجرة الفلسطينية من الريف الى المدينة من خلال تحويل المدن الفلسطينية في الضفة الغربية الى ” مراكز للترفيه والسياحة “، وهو ما جعل تمدد الاستيطان أكثر يسرا ، وجعل المساحة الخاضعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية لا تزيد عن 14% من مساحة الضفة.
انه الشخص الذي حاول ان يقنع رجل اعمال فلسطيني بتمويل محطة اذاعية بحوالي خمسين مليون دولار لتعمل ضد الرئيس الايراني السابق أحمدي نجاد ومساندة خصمه ” الليبرالي ؟؟؟” مير حسين موسوي(الغارديان 26 يناير 2011)..وهو ذاته من التقى مريم رجوي(زعيمة مجاهدي خلق) بعد التقارب الغربي مع هذه المنظمة الايرانية المعارضة…
هل كل هذا مُختلق؟ ربما، ولكن هل يساهم في فقدان الظل؟ ربما ايضا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى