أعلن #جيش_الاحتلال وفق تحقيقاته، أن #الانفجارات التي دوت في مستوطنتي ” #غوش_عتصيون ” و”كرمي تسور” شمال مدينة #الخليل نجمت عن #سيارتين_مفخختين أُعدتا لعملياتٍ فدائية، يأتي هذا الحدث في إطار التصعيد العسكري التي تعيشه #الضفة_المحتلة، وقد بلغ ذروته منذ خمسة أيام في مُدن ومخيمات شمال الضفة، غير أن ثمة ما حمل صدمةً للأجهزة الأمنية الإسرائيلية عقب العملية المركبة في منطقة الخليل، ولا سيما أسلوب #السيارات_المفخخة التي أعادت للاحتلال مشاهد #انتفاضة_الأقصى.
ويمكن القول إن الانفجارت التي أحدثتها السيارتين المفخختين في مستوطنة “غوش عتصيون” و”كرمي تسور”، الليلة الماضية، لم تهز فقط المنطقة بل أجهزة أمن الاحتلال التي شكلت العملية ضربة لمجهودات مكثفة بذلتها في الشهور الماضية لمنع تحرك جنوب الضفة والخليل تحديداً للالتحاق بمعركة “طوفان الأقصى”، ومساندة غزة والشمال، وتنفيذ عمليات نوعية.
ولم يكن أسلوب السيارات المفخخة بالأسلوب الجديد من أساليب #المقاومة، ولكنه عاد إلى ساحة المواجهة بعد غيابٍ استمر قرابة ال20 عاماً منذ نهاية الانتفاضة، نعرض في هذه المادة تاريخ السيارات المفخخة التي استخدمتها المقاومة منذ سنوات والتي تم استحداث استخدامها في الفترة الحالية.
حرب النكبة وفرقة التدمير العربية
على وقع حرب النكبة عام 1948 وتصاعد جرائم العصابات الصهيونية ضد الفلسطينيين، أراد الشهيد عبد القادر الحسيني قائد جيش الجهاد المقدس آنذاك، فرض معادلةٍ من الرعب وإيقاع الخسائر في صفوف الصهاينة، فلجأ إلى وسيلة السيارات المفخخة لتستهدف النقاط الحيوية للعدو، وعلى الفور بدأ بإعداد خطته برفقة المناضل فوزي قطب الذي كان على خبرةٍ عالية بتجهيز المخففات.
كان الهدف الأول الذي وقع عليه الاختيار بناية جريدة “البالستاين بوست” الناطقة باسم الوكالة اليهودية في شارع “هاسوليل” بمدينة القدس المحتلة، فقام قطب بإعداد سيارة مفخخة تحتوي على نصف طن من مادة “تي أن تي” المتفجرة، وتمكن المنفذ من اجتياز الحواجز والوصول إلى الهدف في الأول من شباط عام 1948، وتم تفجير السيارة ما أدى لتدمير البناية بما تحتويه من مكاتب لرجال أعمال يهود وشخصيات من الحركة الصهيونية.
كان الهدف الثاني من خطة الجهاد المقدس، شارع “بن يهودا” في مدينة القدس أحد أهم الشوارع في المدينة والذي يعتبر مركزاً حيوياً للحركة الصهيونية آنذاك، إضافة لاحتواءه على مقر قيادة عصابة “الأرغون” الصهيونية، وقد نجح قطب مجدداً بتفخيخ 3 شاحنات بأطنان من المتفجرات، إضافة لتجهيز المنفذين بأزياء عسكرية بريطانية وبطاقات هويات مزورة، في حين نجح المنفذون بالوصول إلى شارع “بن يهودا” وتفجير الشاحانات المفخخة بفارق دقيقتين بين الواحدة والأخرى، نتج عن العملية تدمير 9 بنايات من بينها مقرة عصابة “الأرغون” وإيقاع عشرات القتلى ومئات الجرحى من المستوطنين، وكان ذلك بعد العملية الأولى بعشرين يوماً فقط.
واستطاعت فرقة التدمير من جيش الجهاد المقدس نسف مبنى الوكالة اليهودية في مدينة القدس بواسطة سيارةٍ مفخخة وقتل عشرات الصهاينة هناك.
نقل المعركة وتطوير المفخخات
في سنوات الثمانينات عملت حركة فتح على نقل المعركة إلى داخل فلسطين المحتلة عبر تجنيد عشرات المجموعات العسكرية في الضفة المحتلة، وتولى ذلك قيادة “القطاع الغربي” وكان من ضمنهم الشهداء خليل الوزير وحمدي سلطان ومحمد ابحيص وحمدي سلطان، وفي عام 1987 استطاع القطاع تجنيد مجموعة في الضفة لتنفذ عملية هجوم بسيارة مفخخة تستهدف مقر الحاكم العسكري في مدينة القدس، وكان من المفترض أن تنفذها الأسيرة المحررة عطاف عليان، غير أن اكتشاف خطوط المجموعة قد أفشل العملية قبل وتنفيذها بأيام، فيما تم اعتقال عطاف عليان والحكم عليها بالسجن لمدة 15 عام.
بعد ذلك بسنواتٍ قليلية، كان الشهيد المهندس يحيى عياش قد بدأ بخوض تجربته في تصنيع المواد المتفجرة، ونجح بإحراز تقدماً في مجالها بعد انضمامه لكتائب القسام بشكلٍ فعلي عام 1991، وباشر برفقة عددٍ من قيادة القسام بتصنيع السيارة المفخخة الأولى والتي كان من المفترض تفجيرها في مطعم إسرائيلي بضاحية “رامات إفعال” أحد ضواحي تل أبيب، غير أن استطاعت شرطة الاحتلال ضبط السيارة بعد وصولها، وتفجيرها بعد إخلاء المنطقة فأوقعت خسائر مادية في محيط الانفجار ومنذ تلك العملية أصبح يحيى مطارداً.
بعد ذلك قام يحيى بتجهيز العديد من السيارات المفخخة التي استخدمت في العمليات الاستشهادية في عامين 93 و 94، كان أولها عملية الاستشهادي ساهر التمام في مستوطنة ميحولا بالأغوار، وعملية الشهيد سليمان غيظان قرب مستوطنة بيت إيل، فيما كان الرد الأول على مجزرة الحرم الإبراهيمي عام 1994 بواسطة سيارة مفخخة جهزها عياش وقادها الاستشهادي رائد زكارنة إلى قلب مدينة العفولة المحتلة، واستطاع تفجيرها قرب حافلة إسرائيلية ما أدى لمقتل 9 مستوطنين وإصابة العشرات بجروح وحروق، وبعد انتقاله لقطاع غزة أشرف على تجهيز السيارة المفخخة التي قادها الاستشهادي معاوية روقة وفجرها قرب إحدى مستوطنات القطاع، فيما نفذت حركة الجهاد الإسلامي بذات التوقيت عملية استشهادية بسيارة مفخخة قرب مستوطنة “كفار داروم” وكان بطلها الشهيد محمد الخطيب.
انتفاضة الأقصى واستكمال طريق المفخخات
عملت فصائل المقاومة الفلسطينية مع اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000 على استكمال بناء قدراتها العسكرية لتوجيه الضربات إلى الاحتلال، كان من بين الشهداء الذين سعوا لتجهيز السيارات المفخخة الشهيد إياد صوالحة أحد قادة سرايا القدس الذي أرسل سيارة مفخخة لاستهداف منشأة الغاز في تل أبيب وقد كُشفت السيارة، فيما استطاع صوالحة تجهيز سيارة مفخخة أخرى وارسالها مع الاستشهادي حمزة السمودي من قرية اليامون إلى مفترق مجدو في شهر حزيران عام 2002، وقد أدت العملية إلى تدمير حافلة إسرائيلية ومصرع 17 مستوطناً إسرائيلياً.
إضافة لنجاح الشهيد نصر جرار بتجهيز السيارات المفخخة والتنسيق مع كتائب القسام في نابلس بالشهور الأولى من الانتفاضة، والتي نتج عنها تجهيز سيارة مفخخة قادها الاستشهادي حامد أبو حجلة واستطاع تفجيرها في وسط نتانيا فأوقع عشرات الإصابات ودماراً واسعاً مطلع عام 2001.
كما وعملت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على محاولة تطوير السيارات المفخخة بإشراف الشهيد أبو علي مصطفى، فيما أعلنت الإجهزة الأمنية لاحتلال عن اعتقال عناصر من الجبهة الشعبية في منطقة القدس ورام الله مع توجيه تهم لهم بمحاولة إدخال سياراتٍ مفخخة إلى القدس، إضافة لمحاولاتٍ أخرى من قبل كتائب شهداء الأقصى.
إعادة التكتيك في الضفة
مع تصاعد النشاط المقاوم في الضفة المحتلة منذ عام 2021، نجحت مجموعات المقاومة بتطوير الوسائل القتالية، وكان منها العبوات الناسفة والسيارات المفخخة، استخدمت تقنية السيارات المفخخة لأول مرة في 2 تشرين ثاني 2023، عندما استدرجت إحدى مجموعات كتائب القسام قوة من جيش الاحتلال إلى جبال طولكرم وفجرت بهم سيارة مفخخة، وتكرر الحدث في شهر كانون ثاني 2024 بعد استهداف كتيبة طولكرم – سرايا القدس قوة لجيش الاحتلال على مدخل مخيم نور شمس بواسطة سيارةٍ مفخخة، أما في طوباس فنجحت المقاومة بتمدير جرافة عسكرية ضخمة لجيش الاحتلال بعد استهدافها بيارة مفخخة قبل شهور.
ولم يعد أسلوب السيارات المفخخة يقتصر على مناطق شمال الضفة بل انتقل ليصل جنوبها في مدينة الخليل، وقبل أيام انفجرت سيارة مفخخة في شمال مدينة الخليل وأصيب بها شابين بجروحٍ خطيرة فيما قالت بعض المصادر أن السيارة كانت معدة لتنفيذ عملية فدائية.
وليلة أمس جاءت العمليتان في غوش عتصيون وكرمي تسور، لتأكدان إعادة استخدام السيارات المفخخة بشكلٍ فعال في الضفة المحتلة على غرار أحداث انتفاضة الأقصى كما وصفها جيش الاحتلال ووسائل إعلامه في ظل تصاعد المشهد المقاوم في الضفة.