سواليف
بالرغم من أن المستوى الرسمي في إسرائيل لم يبادر للرد على المبادرة التي قدمها رئيس حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار، والخاصة بإجراء صفقة تبادل مع إسرائيل، مقابل الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى حركته في قطاع غزة، إلا أنها فتحت المجال أمام عودة تصدر الملف اهتمامات الطرفين، بسبب أزمة “كورونا”.
وقد جاءت مبادرة السنوار الجديدة في ظل جمود كبير أصاب وساطة صفقة تبادل الأسرى، والذي قال قائد حماس في غزة إن الجمود بدأ مع الأزمة السياسية في إسرائيل في أبريل من العام الماضي، حين نظمت أولى جولات انتخابات الكنيست، والتي لم تنجح في تشكيل حكومة جديدة لتل أبيب.
وخلال مقابلة مع “فضائية الأقصى” التابعة لحركة حماس، قال السنوار، إن الحركة مستعدة لتقديم “تنازل جزئي” في موضوع الجنود الإسرائيليين الأسرى لديها مقابل إفراج الاحتلال عن الأسرى كبار السن والمرضى كمبادرة إنسانية في ظل أزمة “كورونا”، لافتا إلى أن مشاورات صفقة الأسرى توقفت منذ بداية الأزمة السياسية داخل إسرائيل، مضيفا: “أقول لأسرانا إننا لن ننساهم، وإن شاء الله يكون لهم فرج قريب”.
ويفهم من تصريحات السنوار، أن حركته تعرض حاليا “حلاً جزئيا” لا يشمل عقد صفقة تبادل كاملة، تاركا المجال للوسطاء للتدخل من أجل إنجاز العملية، التي تقوم على أساس إطلاق سراح الأسرى كبار السن والمرضى، مقابل على ما يبدو معلومات عن الأسرى الإسرائيليين لدى حماس.
حيث شدد خلال تصريحاته على أن حماس أبلغت كل الوسطاء أنه لا يمكن البدء بمفاوضات صفقة جديدة، قبل حل مشكلة إعادة اعتقال محرري “صفقة شاليط”.
وقد جاءت المبادرة بعد إعلان وزير جيش الاحتلال نفتالي بينيت، ربط المساعدات التي تدخل إلى قطاع غزة، لمواجهة خطر فيروس “كورونا” بإطلاق الجنود الإسرائيليين الأسرى.
لكنّ السنوار بدا جادا في الرد على لغة بينيت، ملوحا بالخيار العسكري لإجبار إسرائيل على إدخال المعدات الطبية للقطاع، وقال: “المقاومة قادرة على إرغام الاحتلال الإسرائيلي على إدخال أدوات مواجهة فيروس كورونا، وسنأخذ ما نريده خاوة (عنوة)”.
وأضاف: “في الوقت الذي نكون فيه مضطرين إلى أجهزة تنفس لمرضانا أو طعام لشعبنا، فإننا مستعدون وقادرون على إرغام الاحتلال على ذلك”، وأضاف منذرا: “إذا وجدنا أن مصابي فيروس كورونا في غزة لا يقدرون على التنفس سنقطع النفس عن 6 ملايين إسرائيلي”.
شاهد تهديد رئيس حركة #حماس في غزة يحيى السنوار لوزير الدفاع الصهيوني نفتالي بينت #خاوة يعني رغم أنفك يا بينيت !
وبالعبرية : "למרות האף שלך pic.twitter.com/qwDhaAd51c
— يونس الزعتري #عين_على_العدو (@YounesZaatari) April 2, 2020
في السياق، أكدت حركة حماس، الجمعة، أن “المبادرة الإنسانية المسؤولة” التي طرحها السنوار “تعكس مرونتنا بإدارته وتضع الاحتلال الإسرائيلي أمام اختبار جديد”.
وقال المتحدث باسم حماس فوزي برهوم في تصريح صحافي: “المبادرة تعكس قيم وأخلاق ومبادئ هذه الحركة التي قدمت الإنسان وحياته وحريته وكرامته على كل شيء، ومرونتها في التعامل مع هذا الملف”.
وأكد برهوم على أن هذه المبادرة وضعت الاحتلال الإسرائيلي أمام اختبار جديد، ليثبت مدى جديته في التعامل مع قيم العدالة والإنسانية، ومصداقية قياداته أمام المجتمع الإسرائيلي وأهالي الجنود المفقودين في غزة.
وفي إسرائيل، وبالرغم من صمت المستوى الرسمي، عن التعليق على مبادرة السنوار، إلا أن صحيفة “معاريف” نقلت عن عسكريين وسياسيين إسرائيليين تأكيدهم أن أزمة “كورونا” فتحت “نافذة فرص” للتقدم في صفقة تبادل أسرى مع حركة حماس.
ونقلت الصحيفة عن مصادرها أن الأجهزة الأمنية والسياسية في تل أبيب عقدت اجتماعات وصفت بـ”المهمة” حول الموضوع مع مسؤولين رفيعي المستوى في وزارة الجيش، وأن الفكرة الأساسية تدور حول محاولة التقدم في ملف الأسرى عبر “رزمة مساعدات إنسانية” لقطاع غزّة ومبادرات أخرى، لتكون مقايضة من قبل تل أبيب لحركة حماس، لإنجاز صفقة التبادل.
جدير ذكره أن الجناح العسكري لحركة حماس، يأسر أربعة إسرائيليين، اثنان منهم من الجنود وقعا بقبضة مقاتلي كتائب القسام خلال الحرب الأخيرة على غزة صيف عام 2014، وفي الوقت الذي أعلن جيش الاحتلال مقتلهم قبل أسرهم، تخفي حركة حماس أي معلومات عن مصيرهم، كما تأسر الحركة اثنين من حاملي الجنسية الإسرائيلية، دخلا قطاع غزة بطريقة غير شرعية، من خلال التسلل عبر الحدود.
وسبق أن أبرمت إسرائيل في عام 2011، صفقة تبادل مع حماس بوساطة مصرية، أطلقت بموجبها إسرائيل 1027 أسيرا فلسطينيا، مقابل إطلاق حماس سراح الجندي الأسير لديها جلعاد شاليط، وذلك بعد ست سنوات من أسره في هجوم على ثكنة عسكرية على حدود القطاع الشرقية.
وكان المرصد الأورومتوسطي، أدان تصريح وزير الجيش الإسرائيلي نفتالي بينيت، والذي ربط فيه السماح بدعم جهود قطاع غزة في محاربة تفشي فيروس “كورونا” بقضية الجنود الإسرائيليين المفقودين هناك.
وقال المرصد: “إن مقايضة الوزير الإسرائيلي الحاجات الإنسانية الملّحة بأيّة قضية أخرى فعل غير إنساني، ويهدد بشكل مباشر بتفشي فيروس كورونا وسط نحو 2 مليون فلسطيني محاصرين في قطاع غزة منذ أكثر من 14 عاما”.
وأكد على ضرورة تحييد القضايا الإنسانية عن الحسابات السياسية، والكف عن استخدام المدنيين كوسائل ضغط بين الأطراف لتحقيق مكاسب لا تكون إلا على حساب حياة وسلامة المدنيين.