الريڤانين الحكومي / د. سعيد المومني

الريڤانين الحكومي
د. سعيد المومني

مر الأردن بالعديد من المطبات و الأزمات الداخلية لكن هنالك أزمتين حملتا من الخصوصية و الخطورة ما لم تحمله باقي الأزمات ، في هذه الأزمتين اجتمع الشارع على رأي واحد وقلب واحد في وجه الدولة ، الأولى كانت في عام ١٩٥٥ عندما قررت الحكومة الدخول في حلف بغداد و على أثرها خرج الناس الى الشارع بصوت واحد في وجه الدولة و دخلت المدن الأردنية في أحداث دامية و اعتقالات و جائت ٣ حكومات في ثمانية أيام فقط الى أن عادت الدولة عن قرارها ، اليوم و بعد ٦٣ عاماً تمر على الأردن أزمة عميقة لكنها تخلو من النفس القومي العربي لتحمل نفس الإقتصاد و المال و المعيشة ، أزمة برز فيها الحراك الشعبي في مطالب متفق عليها الشارع من شماله الى جنوبه .

هذا الحراك الشعبي ما هو إلا مؤشر لوجود مشكلة عميقة و نستطيع أيضاً تشبيهه بالحرارة التي تعبر عن وجود مرض ، أما الدولة فقد لجأت لإستخدام الريڤانين لتزيل الحرارة من خلال الإعتقالات أو التخويف أو الإعلان عن قرارات سطحية ، لكنها لا تريد أن تدرك في أن هذا الريڤانين الحكومي لا يمكن أن يقضي على المرض. فهذا النكران للحراك الشعبي لم يقتصر على الدولة بل إمتد الى النقابات و الأحزاب ، حتى وصل الى الإعلام العالمي الذي لم يُعر حراك الرابع أي إهتمام لأن هنالك توافق إقليمي و دولي نحو استقرار و استمرار الوضع الراهن في الأردن على الأقل في الفترة المقبلة .

مازالت الدولة و أجهزتها تتعامل مع الحراك الشعبي على ارتدادات الربيع العربي و بمقاربة أمنية و إقليمية ، و لا تريد أن تعترف في أن هذا الحراك الشعبي يطرح حالة بناء لا حالة هدم ( إسقاط النظام ). يقول الفيلسوف الفرنسي ڤولتير : ( من الخطير أن تكون على حق عندما تكون الحكومة على خطأ ) و لهذا فإن النكران و الإستمرار في استخدام الريڤانين الحكومي سوف يؤدي الى تداعيات خطيرة و ثمن باهظ ، و أن عصر الهبات و المكارم لتجمعات سكانية قد ولى ، فهنالك شعب يملك حقوق و واجبات و يسعى للمشاركة في القرار و المصير .
#DrSaeedAlMomani

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى