[review]
إلى روح المُلهِمة والقائِدة عبلة أبو نوّار ، رحمها الله .
****
)… حياة الإنسان، هذا الكائن الذي يعيش في ndash; التاريخ- ويجعل من أناه تاريخاً: يكوِّن الإنسان مِن نفسهِ تاريخ تحرره، بمساهماتهِ في التاريخ، فالوجود الإنساني لا يكون وجوداً إلا في حينونةٍ دائمة التفتّح لأن الكينونة المنغلقة ليست وجوداً.
إنِّي كائن- في- ذاتي- أستكملُ ndash; كينونتي- بالآخرين، فالذاتيّة والتواصل هما قطبا الشخص: إنِّي أنا quot; ولكنquot; أنا بِ ndash; ومع ndash; الآخرين ndash; في عالمٍ ndash; ذي- أبعاد: روحيّة، وماديّة وفكريّة).
من كتاب ( من الحريّات إلى التحرّر) / الدكتور محمد عزيز الحبابى/ ص 11 .
****
هكذا ، دفعة واحدة ماتت.
وها دفعة واحدة قرأتُ خبر وفاتها. وها عادت ذاكرتي المستطيلةُ الملوّنةُ بالأخضرِ والأسودِ والأبيضْ. وها .. كانت ndash; وحدها- النجمة السُباعية فوقَ قلبيَ الأحمر!.
لا أعلمُ كيف وافق أهلي على ذهابي لمخيّم الكرامةِ الكشفيِّ وأنا ما زلت في التاسعة من عمري. كنتُ ( الزهرة ) البُنيّة الوحيدة بين مجموعةِ ( المُرشدات) ضعيفة، وحائرة، وغامقة دون وجود (أرنوبي) الأصفر الناعم ذاك الذي كان يلملمُ الحلوى ويُطعِمُها لأحلامي كلّ ليلة.
واجباتُ المخيّم لا تنتهي، نبدأُ فجراً بالتمارين الرياضية، وترتيب الفراش والوقوف في طوابير صاخبة نُ – (غسِّل وجهك يا قمر)!- ، نجدِّلُ ضفائرنا ونزينُّها بِ ( الشبرِ الأبيضِ) ثمَّ نُلقيها فوق الكتفين. نرتدي ثيابنا / ثِيابي البُنيّة / ثيابهنَّ الفاتحة!..، شِعار ( وأعِدّوا ) فوق القفص الصدريّ، والعَلَم كُلّهُ فوقَ القلب، فوقهُ تماماً ، أو ..أعلى قليلاً!.
استرِح . استَعِّد ..هَروَلة، ساريةُ العَلَم، تنظيف المُخيَّم، رحلة علمية، مجموعات متجانسة أو متنافرة، مسابقات. مجلات حائِط وإرهاقٌ شديد. حِذائي الضيِّق. أحلامي الخجولة. قامتي القصيرة ..ووجهكِ المبتسِم; بَسمةُ وجهكِ، وصوتكِ المموسق يرتَفع بِ quot; مشوِّب بَدِّي بَطيخةquot; ..يصمتُ التَعَب، فَتكملين : quot; ملهلب بَدّي ..quot; ، نعرفُ اللعبة فَنرد: quot; بَطيخةquot; ، ونغنّي معاً بصوتٍ مرتفع ndash; هذهِ المرّة- quot; مشوِّب بَدِّي بَطّيخةquot;. يَتَّسِعُ حِذائي وابتسامتي. يَكبُرُ وجهكِ وأحلامي. تطولُ قامتي وساريةُ العَلم، يخفقُ قَلبي والرّايةُ ، يُصبِحُ وطني مع صوتكِ مُمتدّاً مِنَ -quot; الشامِquot; لِ quot; بَغدانِquot;.
في مُخيِّمِ الكرامة الذي داومت على المشاركةِ فيه سنوياً، لَم أكُن أميِّزُ فيهِ بين عيد الأم وعيدكِ!، لذا كنتُ – أحملُ / نَحملُ ndash; وَردتي/ ورودنا; شقائِقَ نعمانِ ضميركِ وتُرابَنا، كرامةَ (بسطار) الجنديِّ المَجهولِ الذي كانت أقدامنا الصغيرة تهرولُ نحوهُ وكرامة quot; مَوطني موطنيquot;; – يوم كان الوطنُ صلاةً وأمومةً مغمَّسة بالدم وأناشيدكِ -.
في مُخيِّم ِ الكَرامة، لَم أتشرَّب المهارات الحرفية التي كان البرنامجُ حافلاً بها! لكنّني تشرّبتُ كلماتكِ وامتلأتُ بابتسامتكِ .
لم أعتد حقّاً على حياةِ البريّة ولم أتنازل عن ( الشيبس) وَ( ألواح الشيكولاتة)!، ولم أتوقف عن التذمّر، لكنّني اعتدتُ ndash; دائماً- على آداءِ الواجب كاملَ التّمامِ، وَرسم خارطة الوطن المُشتَهى كاملاً غيرَ منقوص!.
لَم أتخلّص مِن فوضاي وبعثرة أشيائي، لكنّني أدمنتُ ترتيب المبادئ الضمائرية، وتطريز المسؤوليات الحياتية بِخيطِ حرير
quot; كلُّكُم راعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِquot;.
قائدتي عبلة أبو نوّار:
ها أنا وجيلي بأكمله تربيتكِ . نَرثيكِ والوَطن ، والجندي المجهول، والشهيد المعلوم ابن قلبكِ .
وها أنا كلّما سالَ عَرقي وامتلأت عروقي بال.. تعب، صدحَ صوتكِ منّي ، مَرِحاً، متفائلاً، مُشاكِساً وودوداً :quot; مشوِّب بَدِّي quot; ، فتُكمِلُ روحي بحماسٍ واحترامٍ للواجِب: quot; بَطّيخةquot;!.
قائِدتي عبلة أبو نوّار:
رحمكِ الله وجزاكِ عنّا خيراً.
****