الرفض الأمريكي للناتو العربي/ مهند أبو فلاح

” الرفض الأمريكي للناتو العربي “
مهند أبو فلاح

شكلت مؤتمرات القمة التي عقدت في كل من جدة و طهران مؤخرا نموذجا مثاليا للعبة المحاور الإقليمية التي تستهوي عقول و أفئدة الباحثين المختصين في العلاقات الدولية ، خاصة أنها تأتي في ظل تصاعد عملية الاستقطاب بين مراكز القوى العالمية في أعقاب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية .

محاولات الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية و روسيا لتعزيز نفوذها الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط يبدو أمرا مفهوما لكثير من المراقبين و الخبراء في ظل الظروف الحالية و لكن الأمر العصي على الفهم هو بعض المواقف الرسمية العربية التي مازالت تدور في الفلك الأمريكي الغربي المتصهين خلافا لرغبات الشعب العربي بمجمله الذي يتطلع بقوة إلى الخلاص من هيمنة العم السام على مقاليد الأمور عالميا ضمن إطار ما يعرف بالنظام العالمي أحادي القطب و الذي أبصر النور منذ أزمة الخليج عام ١٩٩٠ و انهيار و تفكك الاتحاد السوفيتي السابق .

الولايات المتحدة ممثلة بشخص رئيسها جو بايدن تمكنت من تحقيق ما تصبو إليه بالمقام الاول من قمة جدة حيث تعهدت بعض الأقطار الخليجية الفاعلة في منظمة الدول المنتجة للنفط ” أوبك ” بزيادة إنتاجها من البترول مما انعكس انخفاضا ملحوظا في أسعار البنزين في الأسواق الأمريكية و هو ما قد يترتب عليه ارتفاع في شعبية الرئيس بايدن الذي أظهرت استطلاعات الرأي السابقة تراجعا في شعبيته على خلفية هذا الأمر الاقتصادي الحساس تحديدا و الذي يمس رفاهية المواطن الأمريكي و اتجاهاته السياسية .

بالمقابل فإن فكرة الناتو العربي التي تم الترويج لها لم تجد طريقها إلى حيز الوجود ذلك أن الكيان الصهيوني لا يبدو متحمسا لاي إطار عسكري عربي جماعي حتى لو كان المقصود منه ظاهريا على الأقل في المرحلة الحالية حماية الأمن القومي العربي من الخطر الايراني المحتمل الذي يشكل بالفعل تهديدا وجوديا مصيريا لأمن بعض الأقطار الخليج العربي على نحو لا يقل عن ذلك الذي بشكله الكيان الصهيوني .

مقالات ذات صلة

الموقف الأمريكي غير المتحمس لفكرة الناتو العربي يظهر لنا جليا أن سادة البيت الأبيض في واشنطن و بتأثير و إيعاز مباشر من نظرائهم في تل أبيب غير معنيين بأي حال من الأحوال بأمن الوطن العربي الكبير الا ضمن ما تقتضيه مصالح حكام تل أبيب التي تشكل خطاً أحمر يستحيل تجاوزه من قبل الإدارات الأمريكية المتعاقبة ، ناهيك عن أن الولايات المتحدة لن تقبل بأي حال من الأحوال فكرة وجود تحالف عسكري عربي قد يشكل في يوم من الايام بديلا محتملا عن حمايتها أو بالأحرى هيمنتها على حقول النفط في منطقة الخليج العربي هذا من ناحية و من ناحية أخرى تهديدا مستقبليا محتملا لأمن الدويلة العبرية المسخ التي يشكل وجودها ورما سرطانيا خبيثا في الجسد العربي لا بد من استئصاله و إزالته عاجلا أم آجلا .

إن معارضة الولايات المتحدة الأمريكية لفكرة الناتو العربي تعيدنا بالذاكرة إلى الوراء و تحديدا إلى مشاريع الوحدة العربية التي طرحها جلالة المغفور له الملك المؤسس عبد الله الاول خلال الحرب العالمية الثانية و الموقف البريطاني منها الذي عبر عنه في حينها السير انتوني ايدن وزير الخارجية المملكة المتحدة التي سعت جاهدة إلى منع تشكل اي وحدة عربية فعلية على أرض الواقع و لعبت على وتيرة التناقضات العربية بين و التنافس بين الرياض و القاهرة و عمّان و بغداد كي لا ترى مشاريع من قبيل سورية الكبرى و الهلال الخصيب طريقها إلى حيز الوجود .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى