وداعاً فنان الشعب… / هبة إميل العكشة

وداعاً فنان الشعب…

“بعد هذه الفترة الطويلة، ماذا تحبّ أن يذكر الناس عن تجربتك؟” يسألُ المذيع، “تظلها تحبني بس … تظلها تحترمني … احترام الناس إلي حياتي وثروتي وهذا اللي بعتزّ فيه…” يجيب القدير نبيل المشيني. “فنان الشعب” كما أحبَّ دوماً أن يلقّبوه، يرحلُ اليوم كاسراً قلبَ كلّ من أحبَّه، وآخذاً معه جزءاً كبيراً من الزمن الجميل الذي لن يعوَّض… الزمن الذي صنع فيه الفنان الأردني إرثاً عظيماً بإمكانيات محدودة، وفنّاً يحملُ القيم الأردنية الأصيلة، ويزرعُ البسمة على جميع الوجوه.

رحيلُ نبيل المشيني ليس رحيل إنسانٍ واحدٍ، إنّه رحيل الأردني البدوي، والريفي، والحضري … إنه رحيل “أبو عواد” صاحب اللهجة الأردنية الأصيلة، والمفتخِر بشماغه وعقاله، والذي عالج العديد من القضايا الاجتماعية بإطار كوميدي بسيط. “الكلام ما قل ودلّ، كل مشكلة وإلها حلّ” عبارة رافقتني كلّما وجدتُ نفسي عالقة في مشكلة، كنتُ أسمعها في عقلي بصوت أبو عوّاد، وبعدها أرتاح. اليوم فقط أشعر بأن “حالتنا ما إلها حلّ” وأننا سنبقى عالقين في زمن الشقلبة.

إنني إذ أعزّي عائلة المشيني بفقيدهم، أعزّي جميع الأردنيين، لأنهم هم أيضاً فقدوا أخاً وأباً وجدّاً دخل بيوتهم وأدخلَ الفرح إلى قلوبهم وأحبَّهم، ولم يطلب منهم سوى أن يحبّوه. إن ما يزيد الجرح عمقاً، هو أن وفاة “أبو عواد” جاءت في أشدّ الأوقات تحدياً، لتذكّرنا بالأردن الجميل ومشاكله البسيطة آنذاك، والتي لم تكن تتعدى سور الحارة. اليوم كَبُرَتْ الحارة وكَبُرَت الهموم، لكن سنبقى نسأل ذات السؤال “دخلك دخلك يا أبو عواد، اسمعنا وافهم على طول، هاي حالتنا ما إلها حل، بدنا رأيك شو بتقول؟” لكن هذه المرة سيظلّ السؤال للمرة الأولى بلا إجابة…

مقالات ذات صلة

hebaakasheh07@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى