الدخان .. توأم النفط

الدخان .. توأم النفط
كتب نادر خطاطبة

الصورة لوثيقة، تعود لعام ٢٠١٧ ، ومحتواها موافقة، حكومة “هاني الملقي ” على طلب الشركة المنتجة لصنف من السجائر على تخفيضه، بهدف تحفيز الطلب على المنتج، وايجاد تصريف لبضائع تكدست كون سعر العلبة الواحدة كان انذاك 2.75 دينار واستجابت الحكومة (مشكورة ) وتم تخفيض السعر ل 1.5 دينار للعلبة ، اي، التخفيض كان دينارا وربع الدينار ؟!
نسبة التخفيض طبعا مبعث اندهاش ، والقرار كان فيه غرابة ، اذ كيف لشركة، ان تستأذن او تطلب، او تناشد حكومة، لخفض السعر ، بينما العكس يفترض ان يكون هو الصحيح ، بسياق منطق ان الحكومات، واجبها ضبط التغول، والتدخل ضد جنون الاسعار، وان تنتصر للمواطن ضد الجشع ، كما حدث في الجائحة، وتدخلاتها الاخيرة، التي كان شغلها الشاغل ضبط السقوف السعرية للبندورة..
سطور الوثيقة، فيها الاجابة، اذ انها كانت بمثابة اللائحة التي تبين ان الاصناف التي طالها الخفض السعري، بلغ مجموع المبلغ المتقاضى كضرائب على الكرتونة الواحدة منها 617 دينارا، من اجمالي سعرها المحدد بـ 750 دينارا ، ما يعني ان حصة الصانع ( الشركة ) والموزع، وتاجر الجمله ونظيره التجزئة، قرابة 133 دينارا !!!
نحن اذن امام تجارة رابحة ، وتوليفة الحسبة الضرائبية بالطبع وان كانت لصنف واحد ، لكنها بذات الوقت مسطرة جميع الاصناف المنتجة للسوق حاليا، ارتفع سعرها او انخفض نسبيا، ومعادلتها تكاد تكون ” شق التوم ” لتسعير المشتقات النفطية ان لم تتفوق عليها .
طبعا التخفيض انذاك، لم يدم اكثر من شهرين وسرعان ما عادت الشركات لرفع ذات الصنف بمقدار 25 قرشا للعلبة ، واتبعته برفع اخر مماثل، مستغلة انشغالنا كشعب، بهبل المطالبات بتغيير النهج واسقاط حكومة الملقي الجبائية، عبر احتجاجات الرابع والمحافظات، فبلعنا الطعم صاغرين، طالما نجحنا باسقاط حكومة، والأتيان باخرى للإنقاذ، مررت وما تزال، كل ما عجز عنه اسلافها ، لكن ” شوي ..شوي ” .
ر اهنا ، اسبوعان مضيا والشارع يشكو من استغلال في سوق السجائر، ومزاجية بالبيع، واستغلال بالسعر، فيما الصمت اطبق، سواء على الشركات او الحكومة ، وكل ما صدر رسميا، ان وزارة الصناعة والتجارة لم ترفع الاسعار لأن، لاعلاقة لها بالتبغ وتسعيره ، فيما مدير الضريبة صرح ان دائرته لم تعدل اسعار السجائر، لنفاجا قبل يومين بزيادة سعرية، تراوحت بين ١٥ قرشا الى ٢٥ قرشا للعلبة .
الرسمي، يصر على اعتبارنا سذجا، فهو لم يرفع السعر ولم يتدخل به ، وانما هو قرار شركات، ارتفعت لديها الكلف التشغيلية، والمواد الخام بظل الجائحة وتداعياتها، لكنه اغفل ان الزيادة تعني ايضا ارتفاعا لمداخيل الضريبة الخاصة ، وضريبة المبيعات ، والضريبة الاضافية ، التي بلغ مجموعها وفق الوثيقة كمثال ٦١٧ دينارا !!
ما علينا ..
ولان الشيء بالشيء يذكر ، اي ( الدخان ) اختتم مدعي عام محكمة امن الدولة بينات لائحة الاتهام بقضية الدخان الشهيرة ( دخان مطيع ) امس ، وبعد جلسات استمرت سنتين، وامهلت المحكمة وكلاء المتهمين لتقديم بينات الدفاع ، وهي القضية التي اضاع المتهمون فيها عشرات الملايين على الخزينة، بتوفيرهم سجائر مماثلة لماركات المنتج المحلي، لكنها رخيصة الثمن ، وذلك عبر التهرب من الضريبة..
اللهم نفِّس هم المكروبين …

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى