الخبز وكرامة الاردني / أحمد فرحان

الخبز وكرامة الاردني
ربما ما يخطر على بال المسؤولين والمتنفذين من رفع اسعار المادة الاساسية في غذاء المواطن، ليس سوى ملئ خزينة الدولة بملالين الفقراء والطبقة الكادحة، ولا اعلم كيف تعمل ضمائرهم عند الحديث عن رفع اسعار الخبز، وكأن الامر بسيط بدرجة تصريح اعلامي حكومي يتحدث عن هذا الرفع.
الحجج التي تأتي بها الحكومة لرفع اسعار الخبز كثيرة، ولكنها مثيرة للشفقة، في ظل وجود فريق وزاري ذو خبرة اقتصادية لا يستهان بها.
من هذه الحجج ان الوافدين واللاجئين يستفيدون من دعم الخبز المخصص للمواطن الاردني، مما يرفع من مبلغ الدعم على الحكومة.
في البداية، فالنسبة للوافدين المقيمين على الاراضي الاردنية، والمستفيدين من الدعم الحكومي للخبز، فاسهل الامور هي اضافة بند في تصاريح الاقامة السنوية، ليسمى ببدل دعم الخبز، ليضاف لخزينة الدولة.
اما بالنسبة للاجئين، فالحكومة تحدثت عن عبئ اقتصادي بلجوئهم، وطالبت المنظمات الدولية بتحمل هذا العبئ، وربما قد استجابت هذه المنظمات وتحملت ما عليها من مسؤوليات تجاه اللاجئين، ولا ضير في تخصيص جزء من هذه المساعدات لتكون ضمن بدلات الدعم الحكومي للسلع الاساسية.
لم نطرح ما هو مستحيل تطبيقه، ربما اسهل بكثير من اجراءات توزيع الدعم بشكل نقدي على جميع المواطنين، فالمشكلة لها حل يكاد يكون من اسهل الحلول، ولكن ماذا لو كان الهدف الحكومي غير ما يتم التصريح به، ماذا لو كان الهدف هو التخلي عن واجبات الحكومة في الدعم لمادة الخبز بشكل تدريجي، كما حصل سابقاً في المحروقات والكهرباء؟
مجلس النواب، وما ادراك ما مجلس النواب، ربما يصرح احد اعضاءة بأن مناقشة هذا الموضوع ليس من صلاحياته، وسوف يتخلى المجلس عن الوقوف بجانب المواطن، لينحاز للحكومة كما عهدناه بكل المواقف، والمثير للشفقة ايضا، ان الكتلة المعارضة (كتلة الاصلاح) تتحدث عن آلية توزيع الدعم النقدي على ان يكون بشكل يليق بكرامة الاردني، وكأن رفع الاسعار يضمن كرامته، وهذا تصريح واضح عن الموافقة على توجه الحكومة لرفع الدعم عن الخبز.
حتى معارضتنا لم تعد كما السابق، لم تعد تطرح الموضوع بشكل درامي يضمن شعبيته، لتنتصر الحكومة في النهاية، وكأن هذه المعارضة لم تعد تبحث عن شعبية، حيث انخرطت بدهاليز السياسة، للتوصل لمصالح حزبية فقط، في ظل غياب الاحزاب المنافسة.
ما سأطرحة ليس موافقة على مبدأ رفع الدعم او تحويله لدعم نقدي، ولكن هو توضيح لما سيحدث من تحويل الدعم الى دعم نقدي، اولا، ستكون اليه توزيع الدعم آلية مهينة كما شاهدناها في توزيع دعم المحروقات، من طوابير الاصطفاف امام فروع البنوك، والانتظار لساعات يتم بها هدر اوقات المواطنين، ناهيك عن صعوبة وصول كبار السن والمرضى والمعاقين. وثانيا، ستكون الية التوزيع لا تشمل جميع المواطنين، كما حصل سابقا، وسيتم اسثناء اصحاب الدخول التي تتعدى سقف معين، بغض النظر عن التزاماتهم بمبالغ ربما تفوق رواتبهم من قروض بنكية، واقساط امتلاك شقق ونحوه، وثالثاً، ستكون المبالغ النقدية غير كافية لاغلب المواطنين، فمنهم من يأكل الخبز بالخبز، ليستهلك كمية كبيرة نظرا لغياب ما يُصبغ به لقمته، ورابعاً، ما مدى استمرارية توزيع الدعم النقدي، يجيب عن هذا التساؤل تلميذ الاول ابتدائي بانقطاعها باول فرصة متاحة، وذلك من خبرة المواطنين باداء الحكومة الحالية والحكومات السابقة.
الحكومة اليوم تتعامل بادائها بمعزل تام عن اوضاع الشعب الاردني، وتقرر قراراتها بمواقف لا انسانية، بهدف زيادة ارادها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى