الحلقة العشرون من #مسلسل_الضياع
المهندس : عبدالكريم أبو زنيمة
يتابع الأردنيون هذه الأيام الحلقة العشرين من مسلسل الضياع الذي كان لهم شرف المشاركة في كلّ حلقاته ، لقد لعبوا معظم أدواره من جمهور الكومبارس وجمهور التسحيج وجمهور الباعة والشراء والسمسرة ، لكن المضحك المبكي أنّهم عند نهاية كل حلقة يلعنون ويسبّون ويتذمرون ويطالبون بإعادة تمثيلها من جديد ، الغريب في هذا المسلسل أنَّ حلقاته متشابهة بفارق أن كل حلقة أسوأ من سابقتها ، ففي كل حلقة يتمّ التخلص من البطل وزمرته وحاشية التمثيل المرافقين له ويستبدلونهم ببطل وممثلين جدد وبسيناريو وحبكات وخدع جديدة ما عاد أحد يثق بها ويصدقها !
للأسف هذا هو حالنا ، نعيش مسلسل الضياع المعروفة نهايته المظلمة ، لن نخطو خطوة واحدة للأمام في ظل المنظومة السياسية والاقتصادية والأمنية الراهنة ، فالسلطة الحاكمة تدرك جيدا أن احتفاظها بهذا النهج السياسي والتداخل بين السلطات وهيمنة السلطة التنفيذية على بقية السلطات والاستقواء على الشعب بالأجهزة الأمنية لقمع الحريات وتكميم الأفواه وتقزيم وتشويه مضمون السلطة التشريعية وإبعادها عن دورها الرقابي والمحاسبي إلى جانب تسخيرها لتشريع ما يخدم مصالح النخب الحاكمة – الإبقاء على هذا النهج هو الضامن لبقاء وديمومة وتوارث هذه النخب لامتيازاتها ومصالحها ونهبها للبلاد والعباد .
اما الحديث عن العرس الديمقراطي فهذا بحد ذاته هو سنام الدجل والتخريف ، فالمال الأسود كان راية وبيرق هذا العرس وعلى رؤوس الأشهاد ، ومعظم الفائزين هم من أصحاب هذا المال القذر وهم من سيمثلوننا تحت القبة ، أما الأحزاب التي خاضت الانتخابات فغالبيتها تمثل أصحاب المال والنفوذ وهي لا ترتقي لمعايير وشروط الحزبية الحقيقية ، فهي أقرب للمصالح والنفعية وغالبيتها مملوكة لأفراد بعينهم ، وهي أبعد ما تكون عن البرامجية والأهداف السياسية والاقتصادية والتنموية ، ممثلو هذه الاحزاب ومعظمهم أتى من رحم النخبة الحاكمة والطبقة المتنفذة وينتمي اليها وهؤلاء حين يصلون تحت القبة لن يهمهم سوى مصالحهم الشخصية وامتيازاتهم ، أمّا القلة المتبقية ممن حالفهم الحظ للوصول الى القبة فلن يكون بمقدورهم عمل شيء سوى رفع حناجرهم وهم سيكونون اشبه ما يكون بحداة الصحراء الذين لا يسمعهم أحد ولا يسامرون إلّا أنفسهم .
الحديث عن رئيس الحكومة وأصله وفصله وما سيفعله فهو حديث لا نفع له ، ففي غياب الحريات والرقابة والمساءلة وسيادة القانون فسيبقى الوضع طاسة وضايعة او كما يقول المثل ” زيتون برما داشر وتبغددوا يا همل ” كثير ممن شغلوا هذا المنصب من أبناء الحمايل والعشاير المعروفة كانوا وبالاً على الأردن وشعبه ، ليس المهم أن تكون ابنا لقبيلة أو عشيرة ما لتحقق الإنجازات ! المهم أن تكون مؤمنا بهوية وطنك ومنتميا له روحاً وقلباً وإيماناً – عندها ستتحدث عنك إنجازاتك ! الشهيد وصفي التل رحمه الله لم يكن من حملة الدكتوراة ولابسي البذلات ذات الماركات العالمية ولم يعقد المؤتمرات والندوات الاقتصادية ولم يعتلي المنابر للترويج الإعلامي ولم يعدنا بغدٍ مشرق ، كان مقلّاً في أحاديثه وتصريحاته – عظيماً بإنجازاته بسيطا في مظهره ببذلته الفوتيك وكلماته الصادقة ومواقفه الرجولية. وصفي التل بنى لنا مجداً أضاعه وهدمه من أتى بعده من رواد السفارة الأمريكية ووكلاء صندق النقد والبنك الدوليين !