الحلبيون من البراميل المتفجرة إلى حرب مع الطبيعة

سواليف – ربما هي حرب ضروس أخرى يخوضها السوريون عمومًا والحلبيون خصوصًا، ولكن هذه المرة ليس ضد البراميل المتفجرة والصواريخ والأسلحة الكيميائية، وإنما ضد عدوٍ يأتي متنكرًا بزي البرد وانعدام ظروف الحياة المعيشية الدنيا.

سكان حلب الشرقية، غالبيتهم اليوم في مناطق سيطرة المعارضة في محافظة إدلب، شمالي البلاد، بعدما أجلوا من الأحياء الشرقية للمدينة قبل نحو أسبوع، التي كانت محاصرة من قبل قوات النظام والمجموعات الأجنبية الإرهابية الموالية له.

نجا الحلبيون من براميل وقذائف وصواريخ نظام الأسد، غير أنهم يقاتلون، اليوم، البرد الشديد وسط الطين والوحل، في خيام تفتقر إلى الماء والتدفئة والكهرباء والبنية التحتية.

فريق «الأناضول» زار مخيمًا لسكان حلب، في بلدة حارم بريف محافظة إدلب، حيث نصبوا خيامهم بمساعدة بعض المنظمات الإغاثية في إدلب، وبعضهم نصبها بجهود فردية.

وتحاول منظمات إغاثية الترويح عن الحلبيين بعض الذي يجافون منه، عن طريق تقديم مساعدات إنسانية وطبية.

وفي ظل انعدام الطاقة الكهربائية وخدمات الصرف الصحي وشبكة المياه، والأهم من جميعها التدفئة، يحاولون الحصول عليها من النفايات، وأغصان الأشجار والحطب الذي يجمعونه من حولهم.

وأجرت «الأناضول»، مقابلات مع بعض نازحي مدينة حلب في مخيم لهم ببلدة حارم، سردوا خلالها قصتهم التي تختزل اليوم وتروى لاحقًا في كتب التاريخ.

وقالت صفاء إبراهيم، أم لطفلين، إنها فقدت زوجها قبل 5 أعوام، بقصف جوي لقوات النظام في حلب، موضحةً أنها عزمت على عدم ترك مدينتها رغم مقتل زوجها. وأضافت: «أتينا إلى إدلب بعدما بدأت عمليات الإجلاء من حلب، ونحمد الله على السلامة، وندعو لإرسال المساعدات».

من جانبها، قالت شهلة حمدة (65 عامًا) إنها تعيش مع زوجها بمخيم يتسرب من وفوقه مياه الأمطار إلى داخل الخيمة، ويدخل الهواء البارد من بين شقوقه.

بدورها أفادت حميدة رزاق (21 عامًا)، أنها تقيم مع زوجها وأولادها الثلاثة في مخيم لا يختلف كثيرًا عن مخيم مواطنتها «شهلة»، وأضافت: «وضعنا هنا ليس جيدًا نهائيًا».

نور علي (27 عامًا)، أعربت عن امتنانها للشعب التركي، الذي مد يد العون لهم، وأشارت أنه لم يقدم أحد لهم مساعدات باستثناء تركيا.

وأردفت: «لدينا احتياجات كثيرة نفتقدها مثل الماء والطعام».

ياسين خميس (75 عامًا)، قال إنه يعيش مع أسرته البالغ عددها 15 شخصًا في خيمتين، وأكد أن سكان المخيم يحتاجون إلى الطعام واللباس والماء وحليب الأطفال وحفاضات لهم.

وأضاف خميس: «جئنا من حلب، نريد مساعدات تكفي للبقاء علينا أحياء، لا يوجد هنا لا ماء ولا عمل، لو قُدّر لنا عمل لكان باستطاعتنا تدبر معيشة أسرنا، نحن هنا بين الحياة والموت».

من جانبه، قال غازي وزير، المسؤول عن شؤون المخيم، إن 300 شخصا من حلب يعيشون في 70 خيمة نصبوها بجهودهم الفردية ومساعدة منظمات إغاثية.

وأوضح وزير أن ساكني المخيم يعيشون في ظروف غير صحية، وأضاف: «ليس لدينا دواء، ولا بطانيات أو مواد للتدفئة تقينا من البرد».

وأطلقت قوات النظام والمجموعات الأجنبية الإرهابية الموالية لها، في تشرين الثاني الماضي، حملة عسكرية كبيرة على أحياء حلب المحاصرة، تقدمت خلالها في العديد من تلك الأحياء، وحاصرت عشرات الآلاف من المدنيين والمقاتلين في الأحياء المتبقية.

وبعد سقوط مئات القتلى وآلاف الجرحى وتدهور الأوضاع الإنسانية داخل المدينة، تم التوصل إلى اتفاق بإخلاء المحاصرين، نتيجة لمفاوضات بين المعارضة والنظام بوساطة تركية ورعاية روسية.

وفي 22 كانون الأول، استكملت عمليات إجلاء المدنيين وقوات المعارضة من الأحياء الشرقية لمدينة حلب السورية، بالتزامن مع عمليات مماثلة تمت من بلدتي «كفريا» و»الفوعة» المحاصرتين من قبل المعارضة، بريف محافظة إدلب، شمالي البلاد.

ومع خروج المحاصرين، باتت كامل الأحياء الشرقية خاضعة لسيطرة النظام السوري والمجموعات الأجنبية الإرهابية الموالية له.

الاناضول

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى