عن اميرتي / د.فدوى احمد علاونة

عن اميرتي

اشتد البرد علي بدون سابق انذار،و تسربت الريح بين ثنايا وريقات الشجر الصامدات بالقرب من نافذتي، يبدين لها باسرارهن قبل الوداع،فتضحك منهن تارة و تبتهج لهن تارة اخرى.
جلستُ محاولة الاصغاء لذلك الحديث الليلي بصوته الخافت و خباياه المشوقة ، لم اكن اعلم انه قادر على ايقاظها فلقد كنت اخشى عليها من ضوضاء الحياة و ضجيج التلفاز و الهاتف و يبدو ان الحديث راق لها و بدأت تتراقص على انغامه، تشدو و تلعب و تمرح غافلة ربما او متجاهلة الالم الذي تحدثه في جسدي ، مسحت بيدي على شعرها و توسلت لها ان تمهلني حتى الصباح فاجابتني ضاحكة: بل الصبح موعدنا يا امي .
لم تأبه لدموعي و لا لانيني و استمرت في حفلتها حتى قبلتها الشمس بين عينيها و همست في اذنها ان اذهبي بها الى المستشفى، فاسرعت الى حقيبتها التي اعدتها منذ ايام و امسكت بيدي فما كانت خطواتي لتسعفني لولا شوقي لها و استقرت بي الى سرير دافئ غلفته قلوب الاحبة الذين جمعتني بهم سنوات طوال و سهرات ثقال و ليالٍ لا تغيب عن البال. فما كان منها الا ان راق لها ذلك اللفيف وواصلت دلالها و لهوها الى ان بزغ قمر اخر ، و ما لبث ان نطق اسمها حتى اجابته على عجل و خرجت اليه و الخجل يزين وجنتيها الورديتين و اهدته بريق امل من عينيها الغضتين ثم عادت الي و حدثتني برفق عن رغبتها في الخلود الى سريرها فاستجبت لها و جاورت مهدها و تفضلت علي بايام قصيرة من الراحة شاكستني بعدها برحيق اصفر بعثرته على جبينها و تحت عينيها و عاركته بدل اليوم خمسينا فما كنت اطيق ان يعكر صفو مزاجها و لازمت حضني الى الان خمسا بنوم هانئ ووجه بشوش و لسان طلق ، و قلب رقيق و ثوب انيق
بحفظك يا ربي استوعتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين .
عن اميرتي اتحدث

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى