مناهج حماية المستهلك المعرفي

مناهج حماية المستهلك المعرفي
الدكتور ذوقان عبيدات

(1)
مستهلكو المعرفة

الأول نيوز – المتعلمون نوعان : مختصون يعرفون الكثير عن القليل ، ويتعرضون لسيل من المعلومات في تخصصهم ، وعموميون يعرفون القليل عن الكثير من المعلومات ! المختصون يعملون في مدى أفقي بوصة واحدة ، لكن بعمق كيلومتر ، فلديهم مهارات عميقة في مدى ضيق . والعموميون لديهم أفق أميال لكن بعمق بوصة واحدة ، فمهاراتهم ضحلة .

لكن من يُعتدّ بهم اليوم . ومن نحتاج إليهم اليوم هم من يستطيعون تطبيق المعرفة على مجالات جديدة لإنتاج معارف ضرورية . متعلمون قادرون على التعلم ومحو التعلم وإعادة التعلم ، هؤلاء يجب أن ينتجهم نظامنا التعليمي وأن يزودهم بمهارات محو التعلم والتعلم معاً ، ومهارات الوعي بالذات وتكيف الذات مع سرعة التغيرات .

مقالات ذات صلة

(2)
الإستهلاك الناقد للمعلومات

تعلمنا معلومات عديدة عن الماضي وإعادة إنتاج الماضي ، وعرفنا معلومات عديدة ، وقيماً عديدة , وطلب منا الدفاع عنها !! بل وإعادة تطبيقها . فالتعليم بمناهجه يقدم معلومات يقينية لا يجوز المس بها . سواء كان لها أصل في الواقع أم لا . فالمعلومات التوكيدية أو اليقينية تتركنا دون حجج وبراهين ، بل وعرضة لمعلومات توكيدية غير صحيحة ، فتختلط علينا الأمور ، ولا نميّز بين صحيح وخاطىء !!

كما أن المعلومات اليقينية تحرمنا من التنوع كما حرمتنا من التفكير !! فإذا كانت الآراء والمعلومات المطروحة صحيحة ، فلماذا نفكر في آراء ومعلومات أخرى ؟

ولذلك ، من البديهي ، أن نتعلم معرفة الأدلة والأدلة المضادة !! فالتوكيديات تجعلنا ثابتين لا نتغيّر !!

وبعد فترة لا نتقدم خطوة . فإذا إكتفى الطبيب المختص بتِقنياتِه فلن يتطور في معرفته ومهاراته وأدواته . وإذا اكتفى بحدود مجاله فسيكون أميّاً سياسياً واجتماعياً وثقافياً !!

(3)
حماية المستهلك المعرفي

لقد حمينا الناس من الإستغلال عبر جمعيات ومؤسسات حماية المستهلك ! سواء مستهلك غذائي أم دوائي أم تجاري . ولكن لم يفكر النظام التعليمي بحمايتنا من الإستهلاك المعرفي . لقد أقيمت دعاوٍ قضائية ضد شركات مثل ماكدونالدز وستارباكس ، كما أقيمت دعاوٍ ضد تجار محتكرين ومستغلين ، حماية للمستهلكين !

فماذا عن حماية المستهلك المعرفي ؟

إن حماية المستهلك المعرفي تتطلب تزويده بالتفكير الناقد وإنتاج الأدلة والبراهين ، والفلسفة ومعنى المغالطات والبحث عن الحقائق ، وهذا يتطلب :

– مناهج وكتباً مدرسية تقدم كثيراً من الأراء والخيارات وليس من الحقائق . مناهج تنمي الفكر . وقد صار هذا مكروراً ومع ذلك ما زلنا نحتفظ بالمعلومات كحقائق مؤكدة لا يجوز نقدها .

– معلمين يؤمنون بالتنوع والتعددية وحرية البحث والتفكير ، يقيمّون طلابهم لا بما يحفظون بل بما ينتجون !!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى