التكتيك فن يتقنه الأقوياء/ أ.د. سليمان الدقور

أعتقد أن الشباب الأردني قدم في الأيام السابقة نموذجا متقدما يفخر ويعتز به كل أردني وطني ، وأعتقد كذلك أن جلالة الملك قد توافق مع الشباب المتظاهر بشكل لافت للانتباه بما يقتضي أن يلتقط الجميع الرسالة؛ الحكومة الجديدة والشباب أنفسهم .
أما الحكومة فعليها أن تعي أنها جاءت في ظرف استثنائي ، فالحكومة السابقة أطاح بها الشارع ، واختيار الملك للرزاز يعني بطريقة غير مباشرة أن الشارع نفسه هو من جاء به ، أو على الأقل هو القادر على تقييم أدائه القادم ، فواجبها تحقيق مطالب الشارع التي عبر عنها خطاب التكليف.
وأما الشباب فيجب عليهم أن يلتقطوا الرسالة بشكل واضح ، ففي الوقت الذي خرجوا فيه دون قيادة توجههم ، ولم يكن يحركهم إلا همهم ووجعهم فقد استجاب الملك إلى مطالبهم ، وظهر ذلك في كتاب التكليف ..
فالمطلوب الآن أن يدركوا أن عليهم أن يحافظوا على إنجازهم وتقدمهم الذي حققوه إلى الآن ، وهذا يتطلب أن ينسجموا مع تطور الموقف وتداعياته الجديدة وينهوا الاعتصام ولكن وفق رؤية واضحة يكونوا فيها الكرار لا الفرار .
أعتقد أنهم سيكونون الآن المراقبين الحقيقيين لأداء الحكومة لا مجلس النواب ، وأنهم هم من يستطيع أن يعطي الحكومة مهلة ستة أشهر إلى سنة في الحد الأكثر ليقيّموا خلال ذلك أداءها وفق كتاب التكليف الذي قدم رؤية تتوافق تماما مع كثير من مطالب المعتصمين ، وإلا فبإمكانهم العودة للشارع ، وحينها سيكون موقفهم أقوى وأكثر صلابة وانسجاما وتأثيرا .
إن اختيار الشباب هذا الخيار يعني أن يحافظوا على نقطة تفوقهم وتقدمهم ، فيحافظون بذلك على الصورة الحضارية التي قدموها خلال الأيام السابقة ، وفوق ذلك سيفوّتون الفرصة على العابثين الذين يرغبون بحرف الحراك الحضاري عن مساره ، وقد يؤدي ذلك لا سمح الله إلى مواجهة سنخسر فيها جميعا .
أن تخرج بتحقيق مكاسب ولو أقل مما تريد خير من أن لا تكون قادرا مستقبلا على تحقيق أي مكسب .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى