#التوجيهي: اختبار أم انصهار ؟!
أتذكر وأنا طالب في التوجيهي كيف تمرّ الدقيقة كالسنة همّاً وتطير كاللحظة حلّاً !
على دقة عقارب الساعة الكسيحة، بات طالب التوجيهي اليوم غارقاً في الحرّ حتى كاد أن يتبخر بعد تبخر ما أمطرته شهور من الدراسة المتواصلة بالليل والنهار.
قبل أيام فرح طلبة التوجيهي بخبر يقضي بأنه سيتوفر تكييف في قاعات الإمتحان في الأغوار ومياه باردة للتخفيف من حرّ الصيف الملتهب حتى هلّل الكل للوزير بحبّ وعرفان، كان الخبر كنسمة شتوية دافئة أحييت لاهثاً ملتهب !
على إيقاع الخبر الدافئ هرع الطلبة في الأغوار للمدارس، وما أن دخلوا حتى ذابوا كالشمع في الأفران، قضوا مدّة الإمتحان بلا تكييف والمراوح تكاد تعمل وتبرّد على نفسها قبل الآخرين.
تشكلت ملامح الفجأة والدهشة على محيّا الطلبة في الأغوار حتى احمرّت ويبست، ما بين واقع يُصدم ويؤلم وخبر يسرّ وينعم تمسمر الطلبة من الحيرة والإستهجان، ليشغل تفكيرهم في خضم الإمتحان فراغ كبير من التساؤلات التي أوقعتهم في فخّ من الذهول ومصيدة متكررة للغوريين من الحرمان.
نتسائل هنا كحال الطلبة، أين نحن مما قالت عنه الوزارة في الأخبار؟! هل تمّ الإيعاز بالتكييف، أم تبخرت المكيفات من شدّة الحرّ في الأغوار ؟!
حالنا في الأغوار جزء لا يتجزأ من الأردن ضمن البلاد العربية، يوعز المسؤول بالتنفيذ، والمسؤول الأصغر للأصغر، وهكذا حتى يبقى الحال كما كشفته الأحوال.
الترهل الإداري وانعدام المسؤولية تظهر نتائج صفرية على الواقع لا ينكرها جاهل، وغياب الحسّ الذاتي للقيام بالواجب دون رقيب يعزز ذلك في الدونية والنتيجة السلبية، أيجبرنا انعدام الضمير على استئجار ضمائر رقابية أخرى للمتابعة والمحاسبة ؟!
رسائل استنجاد كثيرة ألقى بها أهالي الطلبة اليوم في بحار مواقع التواصل الإجتماعي علّها تلقى اهتمام قوارب النجاة التي لا نعلم حالها الآن؛ في المرفأ ترسو أم في البحر للإستجمام !
ليس المطلوب تهيئة القاعات كغرف فندقية، لكن يتطلب توفير مياه باردة وتكييف كحال الموظفين في الوزارة والمديريات، ليس من المعقول أن يخرج الطالب من الإمتحان لاهثاً ليشرب من ماء حميم !
ما أكتب هذا تنكراً لجهود الساعين في التطوير والنهضة من المديرية أو الوزارة، لكن لإبداء الفرق بين ما قالته الأخبار وأبدته الأحوال، وإسعاف الطلبة خشية أن يتبخر تعب سنوات من الإجتهاد لتحقيق الآمال.
نتمنى أن يلقى الأغوار اهتمام حثيثاً من وزير التربية والتعليم الدكتور عمر الرزاز، والذي استبشرنا خيراً به وما زلنا، ليكن مبادراً في ذلك وستسجل له تلك في ذاكرة أبناء غور الأردن التي لا تشيخ ما برحت أرض الحشد والرباط، قبل أن يتسع الفتق على الراتق وينصهر الولدان ويلطم عليهم الشيبان !