التهمة المؤجلة ضد الأردن / ماهر أبو طير

التهمة المؤجلة ضد الأردن

ربما آن الأوان أن يدعو الأردن الى لقاء عربي إسلامي في عمان، من اجل ملف المسجد الأقصى، واذا كانت الدعوة هنا اردنية بطبيعة الحال، لعشرات الدول العربية والإسلامية، فهي لا تعني نزع ملف الأقصى من يد الأردن، والاستغاثة بالعرب والمسلمين، امام المستجدات، خصوصا في ظل حساسيات كثيرة، تهدد المشهد بكل تفاصيله، وهذا مجرد تصور، ضمن تصورات عدة، بات لازما على عمان اللجوء اليها، بدلا من مواصلة إدارة ملف الأقصى بذات الطريقة المعتادة.
تصريحات وزير الامن الإسرائيلي حول تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى، ومنح اليهود حق الصلاة، تعني فعليا تهديد الرعاية الأردنية، ولا يوجد ما يمنع الجانب الإسرائيلي من اتخاذ قرار بإلغاء الرعاية الأردنية، خصوصا ان الأوروبيين والأميركيين، ودول كبرى في العالم، تتفرج على المشهد في القدس، ولا يهمها الخطوات المقبلة، وليس ادل على ذلك من سكوت هذه الدول امام الانتهاكات الإسرائيلية، هذا على الرغم من كون هذه الانتهاكات ومن ناحية سياسية تمس الأردن الذي على صلة إيجابية بالغالبية من الدول المؤثرة في هذا العالم.
خروج وزير الخارجية الإسرائيلية، للتخفيف من أثر تصريحات وزير الامن الإسرائيلي، الموجهة ضد الأردن فعليا، لا يعني شيئا، لأننا خبرنا الاحتلال، وقد انقلب على معادلات واتفاقيات كثيرة خلال السنين الفائتة، مع أطراف عدة.
مشكلة الأردن في ملف الأقصى أنه تعرض اكثر من مرة لمحاولات عربية لنزع ملف الأقصى من بين يديه، وفي إحدى القمم العربية قبل سنوات، حاولت عاصمة عربية طرح هذا الملف، باعتبار أن الأردن غير قادر وحيدا على حماية الأقصى ولا بد من تعريب وأسلمة الملف عبر إحالته للعالمين العربي والإسلامي، والكلام على طريقة السم في العسل، ويراد منه نزع الملف كليا من يد الأردن، وتقديمه بصورة الدولة الضعيفة غير القادرة على رعاية المسجد وحمايته.
وجود الأردن في ملف الأقصى، مهم جدا، لكن الخط الإسرائيلي البياني، يؤشر على أخطار كبرى مقبلة على الطريق، فماذا سيفعل الأردن، غير اللجوء الى الاتصالات المباشرة مع الإسرائيليين، او التدخل لدى القناة الأميركية لوقف إسرائيل عند حدودها، وهذه وسائل قد لا تكون مفيدة خلال الفترة المقبلة، ولا مجدية قياسا بفترات سابقة.
ربما هنا، يتوجب أن يتحرك الأردن على أكثر من مسرب، أولها الدعوة الى لقاء رسمي عربي إسلامي بخصوص القدس، وعلى مستوى مرتفع في الأردن، ووضع هذه الأطراف امام مسؤولياتها، دون أن يعني ذلك ضعف الأردن، او حاجته للمساعدة، بقدر منح الملف مساحة إضافية ذات تأثيرات سياسية، وثانيها، التحرك دوليا لدى الاتحاد الأوروبي ودول أخرى، إما عبر وفد اردني، او رسائل اردنية الى العواصم الأوروبية ، وثالثها، ترتيب العلاقات بشكل مختلف واكثر تأثيرا مع اهل القدس، وخصوصا، النخب المقدسية، والبحث عن نخب جديدة والاتصال بهؤلاء، ودعوتهم الى الأردن، من اجل تصنيع طبقة اكثر امتدادا لحماية المسجد، تساهم مع التحشيد الشعبي الذي نراه دوما في الأقصى، في حمايته.
لا يمكن ان يواصل الأردن إدارة المشهد، عبر الاتصالات الفنية، او حتى بيانات وزارة الأوقاف، او عبر الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية، لأن كل المؤشرات تدل على وضع مختلف في الطريق، وهو وضع لا يمكن السكوت عليه، او تبسيطه، خصوصا، مع الضغط الداخلي الإسرائيلي، من اجل تقاسم الحرم القدسي، جغرافيا وزمنيا، وهذا يعني فعليا، إنهاء الرعاية الأردنية، كليا او جزئيا، ولحظة وقوع الفأس في الرأس، سنرى كيف ان كل الأطراف العربية والإسلامية، ستوجه لومها الى الأردن، كونه الوصي، وهذا يفرض تحركا اردنيا مبكرا، ليس من باب اخلاء المسؤولية، وليس من باب تحميلها لغيره، لكن ضمن عملية أوسع، تحسبا وتحوطا مما سيجري؟!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى