التعليم والجريمة

التعليم والجريمة.
بقلم: د.فلاح العُريني.
دخول #مجرم إلى #الحرم_الجامعي، وتنفيذ جريمته النكراء بحق #طالبة_جامعية، وبدمٍ باردٍ، ومغادرته لأسوار الجامعة دون أدنى مقاومة، كل ذلك يجعلنا نستذكر أن هذه الجريمة متعددة #الجناة، فالجاني المعروف لدينا هو الفاعل الأصلي أو مطلق النار على الفتاة، ولكن هنالك قد يكون شريكاً في #الجريمة، وربما محرض أو متدخل ولو بشكل غير مباشر، وأقصد بذلك هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي كشريك أصلي في الجريمة، ويلحق بها إدارة الجامعة والأمن الجامعي، والذي يمثلون المتدخل في الجريمة بسبب الإهمال وتسهيل الطريق للجاني لارتكاب جريمته، من خلال عدم القيام بواجباتهم على أكمل وجه، وبذل عناية الرجل المعتاد في ردع الجريمة، وعدم وقوعها.
وبالعودة إلى هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي، فإنني وكرجل قانون، وإذا ما اسند لي واجب التكييف القانوني لهذه الجريمة فإنني أرى أن هيئة الإعتماد شريكا اصليا في الجريمة وعقوبتها كشخص معنوي نفس عقوبة الفاعل الأصلي، ماخذين بعين الاعتبار الصفة الاعتبارية لهذه المؤسسة، في حين يسأل جزائيا القائمين على إدارتها وتسيير أعمالها.
ويثور هنا السؤال التالي:
ما علاقة هيئة الاعتماد بتلك الجريمة؟
إن هيئة الاعتماد مسؤولة عن تطبيق معايير الجودة في التعليم الجامعي سواء الحكومي أو الخاص من خلال اعداد الطلبة أو أعضاء الهبئات التدريسية، اضافة إلى مراعاة الأصول الفنية والخبرات ووسائل الأمان ومتطلبات التعليم من حيث اجواء الغرف التدريسية ورعاية مصلحة الطالب في دراسته وحياته وأمنه وأمانه، بدءا من دخول الطالب بوابة الجامعة حتى مغادرته لتلك البوابة..
وبسبب تقاعس هيئة الاعتماد عن القيام بواجبها، والاكتفاء بالحبر على الورق دون التطبيق الحقيقي والعملي لسياسة الهيئة، قد وصلت جامعاتنا إلى ما وصلت اليه..
فلو كان لهذه الهيئة أي سلطة وطنية حقيقية أو رقابة ضمير على هذه الجامعات لما أصبحت جامعاتنا اليوم مرتعا للجهل والجربمة والاجرام، ولما وصلنا إلى هذا الطغيان الفكري ونكران الفضيلة، والتكسب على حساب التعليم.
فكيف للطالب الجامعي أن يبدع وأن يتطور فكريا وثقافياُ، والراعي الرسمي للجامعات عبارة عن هيئة مبنية على الواسطة والمحسوبية، وتجاهل شروط الاعتماد في الجامعات، حتى اصبحت جامعاتنا وكأنها دار مسنين، واغلب هيئاتها التدريسية قد بلغوا من العمر عتيا، وسيطرت قوات النفوذ والتدخل الحقير والمنتن على قرارات مصيرية اوصلتنا إلى هذا الواقع المؤلم.
لا يمكن النهوض بالصرح التعليمي الأردني إلا من خلال التخلص من القيادات الأكاديمية الحالية والتي عاثت في التعليم فسادا وأرهقت العقول وغيبت الابداع، ولا بد ايضا من تحرير الجامعات وأخص بالذكر جامعات الأطراف من قبضة شركتي الفوسفات والبوتاس، والنأي بعيدا بجامعاتنا عن الترضيات العشائرية وجداول الناخبين والتكتلات والعصابات المرهقة للتعليم..
كل ما سبق لا يمكن ان يقوم به د.فلاح العريني، ولا مجلس النواب ولا حتى وزير التعليم العالي، ولا اعتقد أن دولة رئيس الوزراء قادرا على ذلك.
فالثورة التعليمية تحتاج إلى قائد يعلنها صراحة ثورة على الجهل ويدا بيد نحو التطوير والتطهير لمؤسسات التعليم العالي، وهذه الثورة ليس لها إلا قائد البلاد ليحمي التعليم قبل انهياره وفلتانه وترديه لا سمح الله..
فتلك مناشدة من مواطن غيور ومغترب ولا يبحث بعهد الله عن متاع أو غنيمة في الجامعات الأردنية كافة، فلو بقي لي بصيص أمل لما خالفت الرزاز وقتيبة وهاجرت..
واسأل الله الخير والرشاد والسداد لهذا الوطن بأركانه الثلاث.
وأن يحفظ أردننا منارة علم وفضيلة كما عهدنا، وطنا تبنيه العقول الشريفة، ليصبح مثالا يحتذى أكاديميا في دول الجوار العربي، بل والعالم كافة.
ودمتم بود.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى