التعليم العالي بالجرم المشهود.. #الحلقة_الخامسة.

التعليم العالي بالجرم المشهود..
#الحلقة_الخامسة.
د.فلاح العُريني

* عندَما يتجاوزُ أعدادُ الطلبةِ المائةَ في الشعبةِ الواحدةِ، بِحيث لايستطيعُ المُدرِّسُ السيطرةَ على المَوْقِفِ، وَلايُمْكِنُهُ إيصالَ المعلومةِ، وَمايترتبُ على ذلك مِنْ عجزٍ بِتقييمِ الطالبِ وَاللجوءِ إلى أسئلةِ اختيار مِنْ مُتعدِّدٍ، وَالتقاعسِ عنِ التصحيحِ وَإحلالِ الواسطةِ مكانَ الكفاءةِ، حينَهَا لاتقولُوا التعليم بِخيرٍ، وَلْتترجلُوْا ياعليَّةَ القومِ.
* عندَما يكونُ نصابُ عميدِ الكُلِّيَّةِ إحدى وَعِشرُوْنَ ساعة بِالإضافةِ لِعملِهِ الإدارِيِّ، وَمايترتبُ على ذلك مِنْ ضَعفٍ بِالأداءِ، وَقصورٍ بِإيصالِ المعلومةِ، وَعندَما يَدفَعُ الطالبُ الثمنَ علميًّا وَفكريًّا، وَعندَما يضحي المُدرِّسُ بِصحتِهِ وَعطائِهِ وَطُلابِهِ بِسبيلِ التكسبِ المادِيِّ مِنْ وراءِ هذا العملِ، حينَهَا لاتقولُوا التعليم بِخيرٍ، وَلْتترجلُوْا ياعليَّةَ القومِ.
* عندَما نتجاهلُ ردةَ فعلِ الطَلَبَةِ الوافدِيْنَ عندَ عودتِهِمْ لِأوطانِهِمْ، وَنتناسى بِأنَّهُمْ سفراءٌ لِأوطانِهِمْ بِنقلِ الحقيقةِ حولَ منعِ الرسوبِ بِطريقةِ التلميحِ لا التصريح، وَتقليلِ وَتحجيمِ المنهاجِ لَهُمْ، وَعدمِ مساءلَتِهِمْ حولَ الغيابِ، وَغضِّ النظرِ عنِ الكثيرِ مِنْ سلبياتِهِمْ، وَتدريسِهِمْ خارجَ الحرَمِ الجامِعِيِّ، وَالتذللِ لَهُمْ وَالخضوعِ أمامَ جيوبِهِمْ، حينَهَا لاتقولُوا التعليمَ بِخيرٍ، وَلْتترجلُوْا ياعليَّةَ القومِ.
* عندَما يكونُ الإصلاحُ التعليمِيُّ مجردَ تَبادلٍ لِلمَواقعِ وَتَداولٍ لِلمَناصبِ معَ غيابِ الضميرِ بلْ وَموتِهِ أحيانًا بِحادثِ ثقةٍ وَانهيارِ إرادةِ الإصلاحِ، حينَهَا لاتقولُوا التعليم بِخيرٍ، وَلْتترجلُوْا ياعليَّةَ القومِ.
*عندَما تكونُ إذاعةُ الجامِعَةِ منبرًا قذرًا لِلدفاعِ عنِ الإدارَاتِ الجامِعِيَّةِ، وَالتسترِ على مجازرِهَا بِحقِّ منظومةِ التعليمِ، وَطمسِ الحقائقِ، وَعندَما تكونُ غايَاتُهَا تلميعُ المُسوَدَّة وُجوههمْ، وَاللقاءُ معَ زبانيَتِهِمْ وَالمرتزقةِ المتنفعِيْنَ منْ خدماتِ الجامِعَةِ المهدورَةِ في العراءِ، حينَهَا لاتقولُوا التعليم بِخيرٍ، وَلْتترجلُوْا ياعليَّةَ القومِ.
* عندَمَا تنعدمُ مَكارمُ الأخلاقِ، وَيلقيْ كلُّ مسؤولٍ بِاللائمةِ على مَنْ سبقَهُ، وَيتراشقُوْنَ الاتهامَاتِ، وَيُصبِحُ التعليمُ فيْ جيوبِهِمْ كَعلبةِ السجائرِ، حينَهَا لاتقولُوا التعليم بِخيرٍ، وَلْتترجلُوْا ياعليَّةَ القومِ.
* عندَما تتكونُ لجنةُ التربِيَةِ وَالتعليمِ البرلمانِيَّةِ وَعلى سابقِ عهودِهَا منْ أعضاءٍ جُلّهمْ لاعلاقةَ لَهُمْ بِالقلمِ وَالمَعرِفةِ، وَلمْ يمارِسُوا يومًا العملَ الأكاديمِيَّ، وَيناقشُوْنَ قوانِيْن لايفقهُوْنَ منْهَا إلَّا تزاحم النصوصِ، حينَهَا لاتقولُوا التعليمَ بِخيرٍ، وَلْتترجلُوْا ياعليَّةَ القومِ.
* عندَما يَفتقِدُ أباطرةُ التعليمِ العالي إلى أدنى قواعدِ السلوكِ وَالحوارِ معَ مُنتقِدِيْهِمْ، وَيصفُوْنَهُمْ بِالذبابِ الإلكترونِيِّ، رغمَ أنَّ النقدَ بناءٌ، وَرغمَ انحطاطِ خُطَطِهِمْ، حينَهَا لاتقولُوا التعليم بِخيرٍ، وَلْتترجلُوْا ياعليَّةَ القومِ.
* عندَما تكونُ الحلولُ ممكنةً، وَطرحُهَا على كلِّ لسانٍ، وَلكنْ صناع القرارِ لايريدُوْنَ الحلولَ التيْ تنهضُ بِالتعليمِ وتحاولُ لملمةَ أشلائِهِ، لِأنَّ مثلَ هذهِ الحلولِ وَالإصلاحَاتِ التعليمِيَّةِ، تتمثلُ بِوقفِ نزيفِ الشرفِ التعليمِيِّ في الوطنِ، وَلنْ يتحققَ ذلك إلَّا منْ خلالِ هزِّ الكراسيْ، وَفضحِ المستورِ لِيبانَ، وَكشفِ كثيرٍ منْ قضايا الفسادِ المالِيِّ وَالإدارِيِّ فيْ منظومّةِ التعليمِ، بدءًا منَ التمهيدِيِّ وَحتى درجة الدكتوراه وَمايشوبُهَا منْ فسادٍ بِالترقيَاتِ، حينَهَا
لاتقولُوا التعليم بِخيرٍ، وَلْتترجلُوْا ياعليَّةَ القومِ.
يتبع في الحلقة السادسة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى